للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَوْعِظَةُ ابْنِ السَّمَّاكِ لِلرَّشِيدِ:

وَرُوِيَ أَنَّ ابْنَ السَّمَّاكِ دَخَلَ عَلَى الرَّشِيدِ يَوْمًا فَاسْتَسْقَى، فَأُتِيَ بِكُوزٍ، فَلَمَّا أَخَذَهُ قَالَ: عَلَى رِسْلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ مُنِعْتَ هَذِهِ الشَّرْبَةَ بِكَمْ كُنْتَ تَشْتَرِيهَا؟ قَالَ: بِنِصْفِ مُلْكِي. قَالَ: اشْرَبْ هَنَّاكَ اللَّهُ. فَلَمَّا شَرِبَهَا قَالَ: أَسْأَلُكَ لَوْ مُنِعْتَ خُرُوجَهَا مِنْ بَدَنِكَ، بِمَاذَا كُنْتَ تَشْتَرِي خُرُوجَهَا؟ قَالَ: بِجَمِيعِ مُلْكِي. فَقَالَ: إِنَّ مُلْكًا قِيمَتُهُ شَرْبَةُ مَاءٍ لَجَدِيرٌ أَنْ لا يُنافَسَ فِيهِ. قَالَ: فَبَكَى هَارُونُ.

وَقَدْ ذَكَرْتُ الرَّشِيدَ فِي الأَسْمَاءِ أَيْضًا.

الْبَيْعَةُ لِلأَمِينِ:

وَبُويِعَ لابْنِهِ الأَمِينِ مُحَمَّدٍ فِي الْعَسْكَرِ صَبِيحَةَ اللَّيْلَةِ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا الرَّشِيدُ. وَكَانَ الْمَأْمُونُ حِينَئِذٍ بِمَرْوَ، وَالأَمِينُ بِبَغْدَادَ. فَأَتَاهُ الْخَبَرُ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ الْجُمُعَةَ وَخَطَبَ، وَنَعَى الرَّشِيدَ إِلَى النَّاسِ وَبَايَعَهُ النَّاسُ؛ وَأَمَرَ لِلْجُنْدِ بِرِزْقِ سَنَتَيْنِ.

مَسِيرُ رَجَاءٍ الْخَادِمِ بِالْخَلْعِ إِلَى الأَمِينِ:

وَأَخَذَ رَجَاءٌ الْخَادِمُ الْبُرْدَ والقضيب والخاتم. وسار عَلَى الْبَرِيدِ فِي اثْنَى عَشَرَ يَوْمًا مِنْ مرو حتى قدم بغداد فِي نِصْفِ جُمَادَى الآخِرَةِ، فَدَفَعَ ذَلِكَ إِلَى الأَمِينِ.

وَبَلَغَ الْخَبَرُ الْمَأْمُونَ فَبَايَعَ لِأَخِيهِ ثُمَّ لِنَفْسِهِ، وَأَعْطَى الْجُنْدَ عَطَاءَ سَنَةٍ، وَأَخَذَ يَتَأَلَّفُ أُمَرَاءَهُ وَقُوَّادَهُ وَيُظْهِرُ الْعَدْلَ، فَأَحَبُّوا الْمَأْمُونَ.

بِنَاءُ الأَمِينِ لِمَيْدَانِ الْكُرَةِ:

أَمَّا الأَمِينُ فَإِنَّهُ بَعْدَ بَيْعَتِهِ بِيَوْمٍ أَمَرَ بِبِنَاءِ مَيْدَانٍ جِوَارَ قَصْرِ الْمَنْصُورِ لِلَعِبِ الْكُرَةِ. ثُمَّ قَدِمَتْ أُمُّ جَعْفَرٍ زُبَيْدَةُ فِي شَعْبَانَ، فَتَلَقَّاهَا ابْنُهَا الأَمِينُ.

قَدِمَتْ مِنَ الرَّقَّةِ وَمَعَهَا جَمِيعُ الْخَزَائِنِ.

الْمَأْمُونُ يُهْدِي الأَمِينَ التُّحَفَ:

وَأَقَامَ الْمَأْمُونُ عَلَى خُرَاسَانَ وَإِمْرَتِهَا، وَأَهْدَى لِلأَمِينِ تُحَفًا وَنَفَائِسَ.