للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شَغَبُ الْجُنْدِ بِبَغْدَادَ عَلَى الأَمِينِ:

وَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْجَرْمِيُّ أَنَّ عَلِيًّا لَمَّا قُتِلَ أَرْجَفَ النَّاسُ بِبَغْدَادَ إِرْجَافًا شَدِيدًا. وَنَدِمَ مُحَمَّدٌ عَلَى خَلْعِهِ أَخَاهُ. وَطَمِعَ الأُمَرَاءُ فِيهِ، وَشَغَّبُوا جُنْدَهُمْ بِطَلَبِ الأَرْزَاقِ مِنَ الأَمِينِ، وَازْدَحَمُوا عَلَى الْجِسْرِ يَطْلُبُونَ الأَرْزَاقَ وَالْجَوَائِزَ؛ فَرَكِبَ إِلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَازِمٍ فِي طَائِفَةٍ مِنْ قُوَّادِ الأَعْرَابِ فَتَرَامَوْا بِالنِّشَابِ وَاقْتَتَلُوا. فَسَمِعَ الأَمِينُ الضَّجَّةَ، وَأَرْسَلَ يَأْمُرُ ابْنَ خَازِمٍ بِالانْصِرَافِ، وَأَنْزَلَهُمْ بِأَرْزَاقِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَزَادَ فِي عَطَائِهِمْ، وَأَمَر لِلْقُوَّادِ بِالْجَوَائِزِ.

اسْتِعْدَادُ الأَبْنَاوِيِّ لِمُحَارَبَةِ طَاهِرٍ:

وَجَهَّزَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الأَبْنَاوِيُّ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا، فَسَارَ إلى همدان وضبط طرقها، وحصن سورهان وَجَمَعَ فِيهَا الأَقْوَاتَ، وَاسْتَعَدَّ لِمُحَارَبَةِ طَاهِرٍ.

حَبْسُ يَحْيَى بْنِ عَلِيٍّ لِلْمُنْكَسِرِينَ مِنْ جَيْشِ أَبِيهِ:

وَقَدْ كَانَ يَحْيَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى لَمَّا قُتِلَ أَبُوهُ أَقَامَ بَيْنَ الرَّيِّ وَهَمْدَانَ، فَكَانَ لا يَمُرُّ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْمُنْكَسِرِينَ إِلا حَبَسَهُ عِنْدَهُ بِنَاءً مِنْهُ أَنَّ الأَمِينَ يُوَلِّيهِ مَكَانَ أَبِيهِ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ الأَمِينُ يَأْمُرُهُ بِالْمُقَامِ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَبْنَاوِيِّ. فَلَمَّا سَارَ يَحْيَى إِلَى قُرْبِ هَمْدَانَ تَفَرَّقَ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ.

تَرَاجُعُ الأَبْنَاءِ أَمَامَ طَاهِرِ بْنِ الْحُسَيْنِ:

وَأَمَّا طَاهِرٌ فَقَصَدَ مَدِينَةَ هَمْدَانَ وَأَشْرَفَ عَلَيْهِا. فَالْتَقَى الْجَيْشَانِ وَصَبرَ الْفَرِيقَانِ وَكَثُرَتِ الْقَتْلَى. ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الأَبْنَاوِيَّ تَقَهْقَرَ وَدَخَلَ مَدِينَةَ هَمْدَانَ فَأَقَامَ بِهَا يَلُمُّ شَعَثَ أَصْحَابِهِ.

حِصَارُ طَاهِرٍ لِهَمْدَانَ:

ثُمَّ زَحَفَ إِلَى طَاهِرٍ، وَقَدْ خَنْدَقَ طَاهِرٌ عَلَى عَسْكَرٍ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا. وَجَعَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يُحَرِّضُ أَصْحَابَهُ، وَيُقَاتِلُ بِيَدِهِ، وَحَمَلَ حَمَلاتٍ مُنْكَرَةً مَا مِنْهَا حَمْلَةٌ إِلا وَهُوَ يُكْثِرُ الْقَتْلَ فِي أَصْحَابِ طَاهِرٍ. فَشَدَّ رَجُلٌ عَلَى صَاحِبِ عَلَمٍ عَبْدَ