للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بيعة الحسين المأمون وخلعه الأمين:

ثمّ أمر الناس بعبور الجسر، فعبروا حتى صاروا إلى سكّة باب خُراسان، واجتمعت الحربيّة وأهلُ الأرباض ممّا يلي بابَ الشام، فتسرّعت خيولٌ مِن خيول الأمين مِن الأعراب وغيرهم إلى الحسين، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، ثمّ استظهر عليهم الحسين وتَفَرّقوا. فخلع الحسينُ محمدًا لإحدى عشرة لَيْلَةً خَلَت مِن رجب، وبايع المأمونَ مِن الغد، ثمّ غدا إلى محمد.

حبس الأمين وأمّه في قصر المنصور:

فوثب العبّاس بْن موسى بْن عيسى الهاشميّ فدخل قصر الخُلْد وأخرج منه محمدًا إلى قصر المنصور، فحبسه هناك إلى الظهر. وأخرج أمّه، أمّ جعفر، بعد أنْ أبت، وقنعها بالسَّوط وسَبَّها، وأُدخلت إلى قصر المنصور.

خطبة محمد بْن أبي خَالِد لاعتزال الحسين بْن عليّ:

فلمّا أصبح الناسُ مِن الغد طلبوا مِن الحسين بْن عليّ بْن عيسى بْن ماهان الأرزاق، وقد ماج الناس بعضهم في بعض. وقام محمد بْن أَبِي خَالِد كبير الأبناء بباب الشام فقال: أيّها الناس، والله ما أدري بأيّ سبب تَأمّر الحسين علينا؟ والله ما هُو بأكبرنا سنّا، ولا أكرمنا حسبًا، ولا أعظمنا منزلة وغَناء. وإنّ فينا مِن لا يرضي بالدَّنَيَّةِ، ولا ينقاد بالمخالفة، وإني أوّلكُم نقض عهده، وأنكر فِعله، فمن كَانَ رأيُه رأيي فلْيعتزلْ معي.

وقام أسد الحربيّ فقال نحو مقالته.

خطبة الشَّيْخ الكوفي وإخراج الأمين مِن حبسه:

وأقبل شيخ كبير مِن أبناء الكوفة فصاح: اسكتوا أيّها النّاس؛ فسكتوا لَهُ، فقال: هَلْ تعتدون عَلَى محمدٍ بقطع أرزاقكم؟ قَالُوا: لا! قَالَ: فهل قصّر بأحدٍ مِن أعيانكم؟ قَالُوا: ما عِلمْنا! قال: فهل عُزِل أحدًا مِن قُوّادكم؟ قَالُوا: لا! قَالَ: فما بالكم خذلتموه وأَعَنْتُم عدوّه عَلَى اضطّهاده وأسْره؟ والله ما قتل قوم خليفتهم إلا سلَّط الله عليهم السيف. انهضوا إلى خليفتكم فادفعوا عَنْهُ، وقاتِلوا مِن أراد خلعه. فنهضت الحربيّة، ونهض معهم عامّة أهل الأرباض، فقاتلوا الحسين وأصحابه قتالا