وذُكِر عَنْ أحمد بْن سلام في هذه القصّة قَالَ: فلقَّنْته لما حدَّثته ذِكَر الله والاستغفارَ، فجعل يستغفر.
قَالَ: ونُصِب رأسه عَلَى حائط بستان. وأقبل طاهر يَقُولُ: هذا رأس المخلوع محمد. ثمّ بعث بِهِ مَعَ البُرْد والقضيب والمصلّي، وهو مِن سَعَفٍ مُبطّن، مَعَ ابن عمّه محمد بْن مُصْعَب، فأمر لَهُ بألف درهم. ولما رَأَى المأمون الرأس سَجد.
رثاء إبراهيم بْن المهديّ للأمين:
ولما بلغ إبراهيم بن المهدب قتْلُ محمد، وأنّ جثته جُرَّت بحبلٍ بكى طويلا، ثمّ قَالَ:
عُوجا بمغْنَى طلل داثرٍ ... بالخُلْد ذات الصخر والأجُرِ
والمَرْمَر المسنونِ يُطلَى بِهِ ... والبابِ باب الذَّهَب الناضرِ
وأبلِغا عنِّي مقالًا إلى الـ ... ـمولى عَنِ المأمور وَالآمِرِ
قولا لَهُ: يا ابنَ وليّ الهُدى ... طهّر بلاد الله مِن طاهرِ
لم يكفه أن جَزَّ أوداجَه ... ذَبْحَ الهدَايا بمُدَى الجازرِ
حتى أتى تُسحبُ أوصاله ... في شَطَنٍ يُفْني بِهِ السّائِرِ
قد برد الموتُ عَلَى جفنه ... فطرفُه منكسِرُ الناظرِ١
وبلغ ذَلِكَ المأمونَ فاشتدّ عَلَيْهِ.
وثوب الْجُنْد بطاهر:
ثمّ إنّ طاهرًا صلّي بالناس يوم الجمعة، وخطبهم خطبةً بليغة. ثمّ إنّ الْجُنْد وثبوا بِهِ للأرزاق، ولم يكن في يديه مال، وضاق بِهِ أمره، فخشي وهرب مِن البُستان، وانتهبوا بعض متاعه، وأحرق الْجُنْد باب الأنبار، وحملوا السلاح يومهم. ومن الغد نادوا: موسى يا منصور. ثمّ تعبّى طاهر ومَن معه لقتالهم، فأتاه الوجوه، واعتذروا بأنّ ما جرى مِن فعل السُّفَهاء الأحداث، فأمر لهم برزق أربعة أشهر، ووصل البريد
١ تاريخ الطبري "٨/ ٤٨٨"، والكامل "٦/ ٢٨٧".