ثمّ جهّز الحَسَن بْن سهل جيشًا، عليهم عَبْدُوس بْن محمد المَرْوَرُوذيّ لحرب أَبِي السرايا. فالتقوا في رجب، فقُتِل عَبْدُوس، وأُسِر عمّه هارون بْن أَبِي خَالِد، وقُتِل أكثر جيشه وأُسِروا. وقوي الطالبيّون، وضربَ أبو السرايا عَلَى الدراهم:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا}[الصف: ٤] . الآية.
ثمّ سار أبو السرايا قُدُمًا حتى نزل بقصر ابن هُبَيرة، وجهّز جيوشًا إلى البصرة وإلى واسط فدخلوها، وأوقعوا أمير واسط مِن جهة الحَسَن بْن سهل فهزمه، وانحاز إلى بغداد، وعظُم ذَلِكَ عَلَى الحَسَن، فبعث بردّ هَرْثَمَة بْن أَعْيَن مِن حلوان لحرب أَبِي السرايا، فامتنع، فأرسل إِلَيْهِ ثانيًا يلاطفه، فرجع هَرْثَمَة، وعقد لَهُ الحَسَن بْن سهل عَلَى حرب أَبِي السرايا، وجهّز معه منصور بْن المهديّ. فَعَسكر بنهر صَرْصَرٍ بإزاء أَبِي السرايا، والنهر بينهما. ثمّ تقهقر أبو السرايا فطلبه هَرْثَمَة، وقتل مِن تطرّف مِن جُنْده.
وقعة قصر ابن هبيرة:
ثمّ كانت وقعة عند قصر ابن هبيرة، قُتِل فيها خلْق مِن أصحاب أَبِي السرايا، فتحيّز إلى الكوفة، وعمد محمد بْن محمد والطالبيّون إلى دُور العباسيّين بالكوفة وضياعهم، فأحرقوا ونهبوا أموالهم، وأخرجوهم مِن الكوفة.
توجيه أَبِي السرايا عمّاله عَلَى المدينة ومكة:
ثمّ وجّه أبو السرايا عَلَى المدينة محمد بن سليمان بن داوود بْن الحَسَن بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فدخلها ولم يقاتلْه أحد. ووجّه عَلَى مكّة والموسم حُسين بْن حسن الأفطس بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب، فلمّا قرُب توقّف عَنْ مكّة هيبة لمن فيها، وأميرها داوود بْن عِيسَى بْنُ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ العباسي، فلما بلغ أميرها داوود ذَلِكَ، جمع موالي بني العباسي وعبيد حوائطهم.
ذكر خروج داوود بْن عيسى مِن مكّة:
وكان مسرور الخادم قد حجّ في تِلْكَ السُّنَّةِ في مائتي فارس، فقال لداوود: أقِم لي شخصك أو شخص بعض ولدك، وأنا أكفيك قتالهم.
فقال داوود: لا أستحلٌ القتال في الحرم، ولئن دخلوا مِن هذا الفجّ لأخرجنّ مِن