للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في طريق مِنى. فاجتمع أهل مكّة والمجاورون، وأغلقت الأسواق، وأتوا محمد بْن جعفر وقالوا: والله لنخلعنّك، ولنقتلنّك، أو لُتردنّ هذا الغلام الَّذِي أخذه ابنك جهرةً.

فقال: والله ما علمتُ.

وأمَرَ حُسَيْنًا أن يذهب إلى ابنه، فقال: إنّك والله لَتَعلم أنّي لا أقوى عَلَى ابنك، وأخاف محاربته.

فقال محمد بْن جعفر لأهل مكّة: أمّنوني حتى أركب إِلَيْهِ، فأمنوه، فركب حتى صار إلى ابنه وأخذ الغلام، فسلّمه إلى أهله.

وبعد قليل أقبل إِسْحَاق بْن موسى بْن عيسى بْن موسى بْن محمد العبّاسيّ فارًا عَنِ اليمن، لِتَغَلُّب إبراهيم بْن موسى بْن جعفر عليها، فنزل المُشَاش؛ فاجتمع العلويّون إلى محمد بْن جعفر فقالوا: قد رأينا أن نُخَنْدِق علينا بأعلي مكّة. ثمّ حشدوا الأعراب، فقاتلهم إِسْحَاق أيامًا، ثمّ كرِه الحربَ وطلب العراق. فلقِيه ورقاء بْن جميل في جُنْدٍ، فقال: ارجعْ بنا إلى مكّة، فرجع.

واجتمع إلى محمد غَوْغاءَ أهل مكّة، وسُودان أهل المياه والأعراب، فعَبّأهم ببئر ميمون، وأقبل ورقاء وإسحاق بْن موسى بمن معهم مِن القُوّاد والْجُنْد فالتقوا وقُتِل جماعة. ثمّ تحاجزوا؛ ثمّ التقوا مِن الغد، فانهزم محمد وأهل مكّة. وطلب محمد الأمان، فأجابوه إِلَيْهِ، ثمّ نزح عَنْ مكّة، ودخلها إِسْحَاق ورقاء في جُمَادَى الآخرة.

ذكر تفرُّق الطالبيّين عَنْ مكّة:

وتفرّق الطالبيّون عَنْ مكّة كلّ قوم ناحية، فأخذ محمد ناحية جُدّة، ثمّ طلب الْجُحْفة. فخرج عَليْهِ محمد بْن حكيم مِن موالي آل العباس. وفد كَانَ الطالبيّون انتهبوا داره بمكة، وبالغوا في عذابه. فجمع عبيدًا ولحِق محمدًا بقرب عُسفان، فانتهب جميع ما معه حتى بقي في وسط سروايل. وهمّ بقتله، ثمّ رحِمَه وطرح عَليْهِ ثوبًا وعمامة، وأعطاه دُريهمات. فمضى وتوصّل إلى بلاد جُهَينة عَلَى الساحل، فأقام هناك أشهرًا يجمع الْجُمُوع، فكان بينه وبين والى المدينة هارون بْن المسيّب وقعات عند الشجرة وغيرها. فهُزم محمد، وفُقئت عينه بسهم، وقُتِل خلْق مِن أصحابه، ورُدّ إلى موضعه. ثمّ طلب الأمان مِن الْجُلُوديّ، ومن ابن عمّ الفضل بْن سهم رجاء، ورُدّ إلى