للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حسن الحَسَنيّ نزيل المغرب وقتْله. وأشار هَرْثَمَة بْن أَعْيَن عَلَى الرشيد أيضًا بتوليته. وبالغ في وصفه، فولاه في أثناء سنة أربعٍ وثمانين ومائة.

وردّ محمد العَكّي إلى المشرق، وانقمع١ الشرّ بالمغرب، وحسُنت حال إفريقية. وبني مدينة سمّاها العباسية. وكان يتولّى الصلاة بنفسه في جامع القَيروان.

وكان عالمًا عاملا بعِلْمه، عَثَر يومًا في حصيرة المسجد، فدخل وقال لرؤساء الدّولة: استنكهوني. ففعلوا. فقال: إنّي خشيت أن يقع لأحدكم أنّي سَكْران.

وخرج عَليْهِ بتونس حمديس بْن عبد الرَّحْمَن الكِنْديّ، فحاربه وظفر بِهِ، وقتل عشرة آلاف مِن عسكر حمديس في سنة ستٌّ وثمانين، وبعث برأس حمديس إلى الرشيد.

وكان قائد جيوشه عِمران بْن مَخْلَد، وكان نازلا عنده في قصره، ثمّ خرج عَلَى ابن الأغلب وحشد، واستولى عَلَى أكثر بلاد إفريقية. وخَنْدَق إبراهيم عَلَى نفسه. وأقامت الحرب بينهما سنة، وهما كفَرسَي رهان، فأمدّه الرشيد بخزانة مالٍ مَعَ جماعة قُوّاد. فقوي ابن الأغلب، وتقلّل الْجُنْد عَنِ ابن مَخْلَد، والتفوا عَلَى ابن الأغلب لأخْذ أُعطياتهم.

تُوُفّي ابن الأغلب عَلَى إمرة المغرب لثمان بقين مِن شوّال سنة ستٌّ وتسعين ومائة. وله ستٌّ وخمسون سنة. وولي بعده ابنه عَبْد الله، فأمّن عِمران وأكرمه وصيّره معه في قصره. ثم خاف غائلته٢ فقتله.

واشتغل الأمين والمأمون بأنفسهما واختبط أمر المغرب وغيرهما.

٤- أبان بن عَبْد الحميد الرّقاشيّ٣.

مولاهم البصْريّ الشّاعر الشهير.

مقدّم في الشّعْر والأدب، وله بَصَرٌ بالعِلم والفِقه. وكان ديّنًا خيَّرًا متألهًا، متهجدًا.


١ انقمع: انتهى أو توقف.
٢ غائلته: غدره وخيانته.
٣ انظر: تاريخ بغداد "٧/ ٤٤-٤٥"، تاريخ الطبري "٨/ ٢٤٢".