للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخذ وكيعًا في قراءة كتاب الزُّهْد، فلمّا بلغ حديثًا منه قام فلم يحدّث، وكذا فعل مِن الغد. وهو حديث: "كن في الدنيا كأنّك غريب" ١.

الدّارَقُطْنيّ: نا القاضي أبو الحَسَن محمد بْن علي بْن أمّ شيبان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن بْن سُفيان، عَنْ وكيع، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ أَبِي يجلس لأصحاب الحديث مِن بكرة إلى ارتفاع النهار، ثمّ ينصرف فيقبل، ثمّ يصلّي الظهر، ويقصد طريق المشرعة التي يصعد منها أصحاب الزوايا، فيريحون نواضحهم، فيعلّمهم مِن القرآن ما يؤدّون بِهِ الْفَرْضَ إلى حدود العصر، ثمّ يرجع إلى مسجده، فيصلّي العصر، ثمّ يجلس يتلو ويذكر الله إلى آخر النهار. ثمّ يدخل منزله فيُفْطر عَلَى نحو عشرة أرطال نبيذ، فيشرب منها، ثمّ يصلّي وِرده، كلّما صلّي ركعتين شرب منها حتّى ينفذها ثمّ ينام٢.

قَالَ نُعَيْم بْن حمّاد: تعشَّينا عند وكيع، فقال: أيّ شيء تريدون أجيئكم بنبيذ الشيوخ أو نبيذ الفتيان؟ فقلت: تتكلّم بهذا؟!.

قَالَ: هُوَ عندي أحلّ مِن ماء الفُرات.

قلت: ماء الفرات لم يُختلف فيه، وقد اختُلف في هذا.

وقال الفسَويّ: قد سُئل أحمد إذا اختلف وكيع وعبد الرَّحْمَن فقال: عَبْد الرَّحْمَن يوافق أكثر خاصّة في سُفْيان. وعبد الرَّحْمَن كَانَ يسلّم عَليْهِ السَّلَف ويجتنب المسكِر، ولا يرى أن يزرع في أرض الفرات.

وقال عَبَّاس: قلت لابن مَعِين: إذا اختلف وكيع وأبو معاوية في حديث الأعمش، قالَ: يوقف حتى يجيء مِن يتابع أحدهما.

ثمّ قَالَ: كانت الرحلة إلى وكيع في زمانه.

قَالَ ابن مَعِين: لقيت عند مروان بْن معاوية لوحًا فيه: فلان رافضيّ، وفلان كذا، ووكيع رافضيّ، فقلت لمروان: وكيع خيرٌ منك. فبلغ وكيعًا ذَلِكَ، فقال: يحيى صاحبنا. وكان بعد ذَلِكَ يعرف لي ويُرَحَّب.


١ "حديث صحيح": أخرجه البخاري "٨/ ١١٠"، والترمذي "٢٣٣٣"، وابن ماجه "٤١١٤"، والطبراني "١/ ٣٠" في الصغير.
٢ تاريخ بغداد "١٣/ ٤٧١".