للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلِهِ {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} [الأنفال: ٦٧-٦٩] ، فَأَحَلَّ اللَّهُ لَهُمُ الْغَنِيمَةَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ١.

وَقَالَ جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قَالَ لهم رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا تَقُولُونَ فِي هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى"؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ: أَنْتَ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْحَطَبِ فَاضْرِمْ نَارًا ثُمَّ أَلْقِهِمْ فِيهَا. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: قَطَعَ اللَّهُ رَحِمَكَ. فَقَالَ عُمَرُ: قَادَتُهُمْ وَرُءُوسُهُمْ قَاتَلُوكَ وَكَذَّبُوكَ، فَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: عَشِيرَتُكَ وَقَوْمُكَ.

ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِبَعْضِ حَاجَتِهِ. فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْقَوْلُ مَا قَالَ عُمَرُ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "ما تَقُولُونَ فِي هَؤُلَاءِ؟ إِنَّ مَثَلَ هَؤُلَاءِ كَمَثَلِ إِخْوَةٍ لَهُمْ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ؛ قَالَ نُوحٌ: {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نوح: ٢٦] ، وَقَالَ مُوسَى: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [يونس: ٨٨] ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [إبراهيم: ٣٦] ، وَقَالَ عِيسَى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ} [المائدة: ١١٨] الآية. وَأَنْتُمْ قَوْمٌ بِكُمْ عَيْلَةٌ، فَلَا يَنْقَلِبَنَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا بِفِدَاءٍ أَوْ بِضَرْبَةِ عُنُقٍ". فَقُلْتُ: إِلَّا سُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ، قَدْ سَمِعْتُهُ يَتَكَلَّمُ بِالإِسْلامِ. فَسَكَتَ. فَمَا كَانَ يَوْمٌ أَخْوَف عِنْدِي أَنْ يُلْقِيَ اللَّهُ عَلَيَّ حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ يَوْمِي ذَلِكَ، حَتَّى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِلَّا سُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ"٢.

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِالْعَبَّاسِ قَدْ أَسَرَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ الْعَبَّاسُ: لَيْسَ هَذَا أَسَرَنِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقَدْ آزَرَكَ اللَّهُ بِمَلَكٍ كَرِيمٍ".

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ الَّذِي أَسَرَ الْعَبَّاسَ أَبُو الْيُسْرِ كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو السَّلَمِيُّ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كيف أَسَرْتَهُ"؟ قَالَ: لَقَدْ أَعْلَقَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مَا رَأَيْتُهُ قَبْلُ وَلَا بَعْدُ، هَيْئَتُهُ كَذَا وَكَذَا. فقال: "لقد أَعَانَكَ عَلَيْهِ مَلَكٌ كَرِيمٌ". وَقَالَ لِلْعَبَّاسِ: افْدِ نَفْسَكَ وَابْنَ أَخِيكَ عَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، ونوفل بن


١ أخرجه مسلم في "صحيحه" "١٧٦٣".
٢ "إسناده منقطع": أخرجه أحمد في "المسند" "٢/ ٣٦٣٢"، والترمذي في "التفسير" "٣٠٨٣"، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه.