للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِمُحَمَّدٍ١. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عرضها السماوات وَالْأَرْضُ". فَقَامَ وَهُوَ أَعْرَجُ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

قَالَ أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نِعْمَ الرَّجُلُ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ".

وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَرَوَى فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْن أَبِي ثَابِتٍ وَغَيْرِهِمَا، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَا بَنِي سَلَمَةَ مَنْ سَيِّدُكُمْ"؟ قَالُوا: الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ، وَإِنَّا لَنُبَخِّلُهُ. قَالَ: "وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَى مِنَ الْبُخْلِ؟ بَلْ سَيِّدُكُمْ الْجَعْدُ الْأَبْيَضُ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ" ٢.

وَقَدْ قَالَ الْوَاقِدِيُّ: لَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا، وَلَمَّا أَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَى أُحُدٍ مَنَعَهُ بَنُوهُ وَقَالُوا: قَدْ عَذَرَكَ اللَّهُ وَبِكَ عَرَجٌ، فَأَتَى النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخبره فقال: "أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ عَذَرَكَ اللَّهُ". وَقَالَ لِبَنِيهِ: "لَا تَمْنَعُوهُ لَعَلَّ اللَّهَ يَرْزُقُهُ الشَّهَادَةَ". فَخَرَجَ وَاسْتُشْهِدَ هُوَ وَابْنُهُ خَلادٌ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.

وَعَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْجَمُوحِ قَالَ لِبَنِيهِ: مَنَعْتُمُونِي الْجَنَّةَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَاللَّهِ لَئِنْ بَقِيتُ لَأَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ. فَكَانَ يَوْمُ أُحُدٍ فِي الرَّعِيلِ الْأَوَّلِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: أُتِيَ ابْنُ عَوْفٍ بِطَعَامٍ فَقَالَ: قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ -وَكَانَ خَيْرًا مِنِّي- فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ إِلَّا بُرْدَةٌ يُكَفَّنُ فِيهَا، مَا أَظُنُّنَا إِلَّا قَدْ عُجِّلَتْ لَنَا طَيِّبَاتُنَا فِي حَيَاتِنَا الدُّنْيَا. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.

وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ خَبَّابٍ قَالَ: هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَبْتَغِي وَجْهَ اللَّهِ، فَوَجَبَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ ذهب لم يأكل من أجره، وكان منه مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا نَمِرَةٌ، كُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا رأسه خرجت رجلاه، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "غَطُّوا بِهَا رَأْسَهُ وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الْإِذْخَرِ" ٣. وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يهدبها. متفق عليه٤.


١ "سير أعلام النبلاء" " للذهبي "١/ ٢٥٣-٢٥٤".
٢ "سنده قوي": أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" وأبو نعيم في "الحلية"، وقال الأرنئوط: وهذا سند قوي.
٣ الإدخر: نبات طيب الرائحة.
٤ أخرجه البخاري "٣٨٩٧"، ومسلم "٩٤٠". ومعنى "يهدبها" أي: يجتنيها. يقال: ينع الثمر وأينع ينعًا وينوعًا فهو يانع. وهدبها يهدبها إذا جناها، وهذا استعارة لما فتح عليهم من الدنيا. "صحيح مسلم بشرح النووي" "٧/ ٩".