للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيَشْتَرُونَ بِهِ الطَّعَامَ لِأَهْلِ الصُّفَّةِ، فَبَعَثَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيْهِمْ، فَتَعَرَّضُوا لَهُمْ فَقَتَلُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغُوا الْمَكَانَ.

قَالُوا: اللَّهُمَّ بَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّكَ أَنْ قَدْ لَقِينَاكَ فَرَضِيتَ عَنَّا وَرَضِينَا عَنْكَ.

قَالَ: وَأَتَى رَجُلٌ خَالِي مِنْ خَلْفِهِ فَطَعَنَهُ بِالرُّمْحِ حَتَّى أَنْفَذَهُ، فَقَالَ حَرَامٌ: فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَصْحَابِهِ: "إِنَّ إِخْوَانَكُمْ قَدْ قُتِلُوا, وَقَالُوا: اللَّهُمَّ أَبْلِغْ عَنَّا نَبِيَّكَ أَنْ قَدْ لَقِينَاكَ فَرَضِينَا عَنْكَ وَرَضِيتَ عَنَّا". رَوَاهُ مُسْلِمٌ١.

وَقَالَ هَمَّامٌ وَغَيْرُهُ، عَنْ إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ: حَدَّثَنِي أَنَسٌ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ خَالَهُ حَرَامًا فِي سَبْعِينَ رجلا فقتلوا يوم بئر معونة. كَانَ رَئِيسَ الْمُشْرِكِينَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ، وَكَانَ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أُخَيِّرُكَ بَيْنَ ثَلاثِ خِصَالٍ: أَنْ يَكُونَ لَكَ أَهْلُ السَّهْلِ وَلِي أَهْلُ الْمَدَرِ، أَوْ أَكُونَ خَلِيفَتَكَ مِنْ بَعْدِكَ، أَوْ أَغْزُوَكَ بِغَطَفَانَ بِأَلْفِ أَشْقَرَ وَأَلْفِ شَقْرَاءَ. قَالَ: فَطُعِنَ٢ فِي بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي فُلانٍ، فَقَالَ: غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَكْرِ٣ فِي بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي فُلانٍ ائْتُونِي بِفَرَسِي، فَرَكِبَهُ، فَمَاتَ عَلَى ظَهْرِ فَرَسِهِ. وَانْطَلَقَ حَرَامٌ وَرَجُلانِ مَعَهُ أَحَدُهُمَا أَعْرَجُ فَقَالَ: كُونَا قَرِيبًا مِنِّي حَتَّى آتِيَهُمْ فَإِنْ آمَنُونِي كُنْتُ كُفْوًا، وَإِنْ قَتَلُونِي أَتَيْتُمْ أَصحَابَكُمْ. فَأَتَاهُمْ حَرَامٌ فَقَالَ: أَتُؤَمِّنُونِي أُبلِّغُكُمْ رِسَالَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالُوا: نَعَمْ. فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُمْ، وَأَوْمَئُوا إِلَى رَجُلٍ فَأَتَاهُ مَنْ خَلْفَهُ فَطَعَنَهُ. قَالَ هَمَّامٌ: وَأَحْسَبُهُ قَالَ: فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. قَالَ: وَقُتِلَ كُلُّهُمْ إِلا الأَعْرَجَ، كَانَ فِي رَأْسِ الْجَبَلِ.

قَالَ أَنَسٌ: أُنْزِلَ عَلَيْنَا، ثُمَّ كَانَ مِنَ الْمَنْسُوخِ، "إِنَّا قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَيْنَاهُ". فَدَعا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبْعِينَ صَبَاحًا عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَبَنِي لَحْيَانَ وَعُصَيَّةً عَصَتِ اللَّهَ ورسوله. أخرجه البخاري، وقال: ثلاثين صباحًا، هو الصَّحِيحُ٤.

وَرَوَى نَحْوَهُ قَتَادَةُ، وَثَابِتٌ، وَغَيْرُهُمَا، عَنْ أَنَسٍ. وَبَعْضُهُمْ يَخْتَصِرُ الْحَدِيثَ.

قَالَ سليمان بن المُغيرة، عَنْ ثابت قَالَ: كتب أَنَس في أهله كتابًا فقال: اشهدوا معاشر القراء.


١ أخرجه مسلم في "صحيحه" "١٩٠٢" كتاب "الإمارة" باب: ثبوت الجنة للشهيد.
٢ أصابه الطاعون، والطاعون: غدة كغدة البعير.
٣ البكر: الفتي من الإبل.
٤ أخرجه البخاري في "صحيحه" "٥/ ٤٢-٤٣" كتاب "المغازي" باب: غزوة الرجيع.