للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال قَتَادة من رواية شَيْبان عنه: كان يومُ الأحزاب بعد أُحُد بسنتين، فهذا هو المقطوع به.

وقول موسى وعُرْوة: إنّها في سنة أربعٍ وَهَمٌ بين، ويُشْبُهُه قول عُبَيْد اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَر: "عرضني رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ أُحُد، وَأَنَا ابنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، فَلَمْ يُجِزْني, فلما كان يوم الخندق عُرِضتُ عليه وأنا ابن خمس عشرة فأجازني". فيُحْمَل قولُه عَلَى أنّه كان قد شرع في أربع عشرة، وأنه يوم الخندق كان قد استكمل خمس عشرة سنة، وزاد عليها بعد تِلْكَ الزيادة. والعرب تفعل هذا في مددها وتواريخها وأعمارها كثيرًا، فتارة يعتدّون بالكسر ويعدُّونه سنة، وتارة يُسقِطونه. وذهب بعض العلماء إلى ظاهر هذا الحديث وعضَّدوه بقول موسى بن عُقْبة: "وغزوة الأحزاب في شوّال سنة أربع" وذلك مخالفٌ لقول الجماعة، ولما اعترف به موسى وعُرْوة من أنّ بين أُحُد والخندق سنتين والله أعلم.

وقال أبو إسحاق الفزاري، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَدَاةٍ بَارِدَةٍ إِلَى الْخَنْدَقِ، وَالْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ بِأَيْدِيهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَبِيدٌ: فَلَمَّا رَأَى مَا بِهِمْ مِنَ الْجُوعِ وَالنَّصَبِ قَالَ:

اللَّهُمَّ إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الآخِرَهْ ... فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ

فَقَالُوا مُجِيبِينَ لَهُ:

نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا ... عَلَى الْجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدَا

أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَلِمُسْلِمٍ نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ١.

وَقَالَ عَبْدُ الْوَارِثِ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ نَحْوَهُ، وَزَادَ قَالَ: وَيُؤْتُونَ بِمِلْءِ حِفْنَتَيْنِ شَعِيرًا يُصْنَعُ لَهُمْ بِإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ وَهِيَ بَشِعَةٌ فِي الْحَلْقِ، فَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيِ الْقَوْمِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ٢.

وَقَالَ شُعْبَةُ وَغَيْرُهُ: أَبُو إِسْحَاقَ، سَمِعَ الْبَرَاءَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَنْقُلُ مَعَنَا التُّرَابَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ، وَقَدْ وَارَى التُّرَابُ بياض بطنه وهو يقول:


١ أخرجه البخاري "٥/ ٤٥" في كتاب المغازي، ومسلم "١٧٨٨" كتاب الجهاد والسير.
٢ أخرجه البخاري "٥/ ٤٥" كتاب "المغازي".