للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنَّهُمْ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ أَتَيْتَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ شَيْئًا حَرَامًا؟ قَالَ: "لَا، وَقَدْ كُنْتُ مَعَهُ عَلَى مِيعَادَيْنِ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَحَالَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ سَامِرُ قَوْمِي، والآخر غلبتني عيني" ١ أو كما قال.

إباء النبي -صلى الله عليه وسلم- حضورب عبد تعظيمن فيه الأصنام:

وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ حسين بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ أَيْمَنَ قَالَتْ: كَانَ بُوَانَةُ صَنَمًا تَحْضُرُهُ قُرَيْشٌ، تُعَظِّمُهُ وَتُنَسِّكُ لَهُ النُّسَّاكُ، وَيَحْلِقُونَ رُءُوسَهُمْ عِنْدَهُ، وَيَعْكُفُونَ عِنْدَهُ يَوْمًا فِي السَّنَةِ، وَكَانَ أَبُو طَالِبٍ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَحْضُرَ ذَلِكَ الْعِيدَ، فَيَأْبَى، حَتَّى رَأَيْتُ أَبَا طَالِبٍ غَضِبَ، وَرَأَيْتُ عَمَّاتِهِ غَضِبْنَ يَوْمَئِذٍ أَشَدَّ الْغَضَبِ، وَجَعَلْنَ يَقُلْنَ: إِنَّا نَخَافُ عَلَيْكَ مِمَّا تَصْنَعُ مِنِ اجْتِنَابِ آلِهَتِنَا، فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى ذَهَبَ فَغَابَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْنَا مَرْعُوبًا، فَقُلْنَ: مَا دَهَاكَ؟ قَالَ: "إِنِّي أَخْشَى أَنْ يَكُونَ لِي لَمَمٌ"، فَقُلْنَ: مَا كَانَ اللَّهُ لِيَبْتَلِيكَ بِالشَّيْطَانِ، وَفِيكَ مِنْ خِصَالِ الْخَيْرِ مَا فِيكَ، فَمَا الَّذِي رَأَيْتَ؟ قَالَ: إِنِّي كُلَّمَا دَنَوْتُ مِنْ صَنَمٍ مِنْهَا تَمَثَّلَ لِي رَجُلٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ يَصِيحُ: وَرَاءَكَ يَا مُحَمَّدُ لَا تَمَسَّهُ قَالَتْ: فَمَا عَادَ إِلَى عيد لهم حتى نبّئ٢.

نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- مس الأصنام قبل بعثته:

وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ صَنَمٌ مِنْ نُحَاسٍ يُقَالُ لَهُ إِسَافٌ أَوْ نَائِلَةُ يَتَمَسَّحُ الْمُشْرِكُونَ بِهِ إِذَا طَافُوا، فَطَافَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَطُفْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا مَرَرْتُ مَسَحْتُ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَمَسَّهُ"، قَالَ زَيْدٌ: فَطُفْنَا فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لَأَمَسَّنَّهُ حَتَّى أَنْظُرَ مَا يَكُونُ، فَمَسَحْتُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ألم تنه" ٣.


١ أخرجه الطبراني في "الصغير" "٩٠٣".
٢ إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "١/ ٧٥": ومحمد بن عمر هو الواقدي متروك كماتقدم، وأبو بكر بن أبي سيرة كذلك.
٣ إسناده صحيح: أخرجه الحاكم في "مستدركه" "٤٩٥٦" والبيهقي في "الدلائل" "٢/ ٣٤" إسناده صحيح.