وأمّا الموفَّق فبعث إِلَى إِسْحَاق بخلعٍ وأموالٍ، وأقطعه ضياع القُوّاد الذين كانوا مع المعتمد.
وقَالَ الصُّوليّ: كان المعتمد قد ضجر من أَخِيهِ الموفَّق، فكاتب ابنُ طولون واتّفقا فذكر الحكاية.
وقَالَ المعتمد:
أليس من العجائب أنّ مثلي ... يَرَى ما قلَّ ممتنعًا عليه؟
وتُوكَلُ باسمه الدُّنيا جميعًا ... وما من ذاك شيءٌ في يديه؟
تلقيت ذي الوزارتين وذي السَيفين:
ولقّب الموفَّق صاعدًا: ذا الوزارتين، ولقب ابنُ كُنْداج: ذا السَّيفين.
وأقام صاعد فِي خدمة المعتمد، ولكن ليس للمعتمد حلّ ولا ربْط.
مصادرة ابنُ طولون للقاضي بكار بْن قُتَيْبَةَ:
ولمّا بلغ ابنُ طولون ذلك جمع القُضاة والأعيان وقَالَ: قد نكث الموفَّق أبو أَحْمَد بأمير المؤمنين فاخلعوه من العهد. فخلعوه إلّا القاضي بكّار بْن قُتَيْبة؛ فقال: أنت أوردت عليَّ كتابًا من المعتمد بولاية العهد، فأورِدْ عليَّ كتابًا آخر منه بخلْعه.
فقال: إنّه محجورٌ عليه ومقهور.
فقال: لا أدري.
فقال ابنُ طولون: أغرّك النّاس بقولهم: ما فِي الدُّنيا مثل بكّار؛ أنت شيخ قد خرَّفت. وحبسهُ وقيّدهُ، وأخذ منه جميع عطاياه من سنين، فكان عشرة آلاف دينار، فَقِيلَ: إنّها وُجدت فِي بيت بكّار بختمْها وحالها.
وبلغ الموفَّق فأمر بلعنة ابنُ طولون على المنابر.
سير ابنُ طولون إِلَى المصّيصة وتراجعه:
وفيها سار ابنُ طولون إِلَى المصِّيصة. وبها يازمان الخادم، فتحصّن ونزل ابنُ طولون بالمَرْج والبردُ شديد. فشقّ عليه يازمان نهر طَرَسُوس، فغرق المرج وهلك عسكر ابن طولون، فرحل وهو خائف، فخرج أَهْل طَرَسُوس فنهبوا بقايا عسكره،