للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونقل ابنُ خلّكان رحمه الله أنّ ابنُ طولون كان يدفع إِلَى بكّار فِي العام ألف دينار سوى المقرَّر له فيتركها بختمها. فَلَمَّا دعاه إِلَى خلْع الموفَّق من ولاية العهد امتنعَ، فاعتقله وطالبه بجملة الذَّهب، فَحُمِل إليه بختومه، فكان ثمانية عشر كيسًا، فاستحى أَحْمَد بْن طولون عند ذلك، ثُمَّ أمره أن يسلِّم إِلَى محمد بْن شاذان الجوهريّ القضاء، ففعل، وجعله كالخلفية له. ثُمَّ سجنه أَحْمَد، فكان يحدِّث فِي السّجن من طاقة؛ لأنّ طَلَبَة الحديث سألوا ابنُ طولون فأذِن لهم على هَذِهِ الصُّورة.

قَالَ ابنُ خلّكان: وكان بكّار بكّاءً تاليًا للقرآن، صالحًا ديّنًا، وقبره مشهور وقد عُرِف باستجابة الدّعاء عنده١.

وقَالَ الطّحاويّ: كان على نهايةٍ فِي الحمد على ولايته. وكان ابنُ طولون على نهايةٍ فِي تعظيمه وإجلاله إِلَى أن أراد منه خلع الموفَّق ولعنه، فأبى فَلَمَّا رأى أنّه لا يسلم له منه ما يحاوله ألَّب عليه سُفهاء النّاس، وجعله لهم خصْمًا.

فكان يقعد له من يقيمه مقام الخصوم، فلا يأبى، ويقوم بالحُجّة بنفسه. ثُمَّ حبسه فِي دارٍ، فكان كلّ جمعة يلبس ثيابه وقت الصلاة ويمشي إِلَى الباب، فيقول له الموكّلون به: ارجع.

فيقول: اللَّهُمَّ أشهد.

قَالَ: ووُلِد سنة اثنتين وثمانين ومائة.

قلت: تُوُفيّ فِي ذي الحجة سنة سبعين، وشهده خلق أكثر ممّن شهِدَ العيد، وصلّى عليه ابنُ أَخِيهِ محمد بن الْحَسَن بْن قُتَيْبَةَ الثَّقفيّ.

"حرف الجيم":

٤٦- جَعْفَر بْن أَحْمَد بن بهرام. أبو الباهليّ الأسْتراباذيّ الفقيه الشهيد٢، مفتي بلده. كان حنفيّ المذهب.

وسمع من: جَعْفَر بْن عَوْن، وأبي نعيم، وجماعة.


١ وفيات الأعيان "١/ ٢٨٠".
٢ انظر: تاريخ جرجان "ص / ١٧٥، ١٧٩، ١٨٠".