للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والصِّدق الّذين لم يبلغوا درجة المثَبَّتِين، فحال حُلُولُ المنيَّة بينه وبين هَذِهِ الُأمْنية، فمات قبل استتمام كتابه. غير أنَّ كتابه مع إعْوازِهِ اشتهرَ وانتشر.

وذكر ابنُ عساكر كلامًا غير هَذَا.

وقَالَ أبو حامد بْن الشَّرقّي: سمعت مسلمًا يقول: ما وَضَعْتُ شيئًا فِي هَذَا المُسْنَد إلّا بحُجّة، وما أسْقَطتُ منه شيئًا إلّا بحجَّة.

وقَالَ ابنُ سُفْيَان الفقيه: قلت لمسلم: حديث ابنُ عجلان، عن زَيْد بْن أسلم: وَإِذَا قُرئ فأنصتوا. قَالَ صحيح.

قلت: لِمَ لَمْ تضعْه فِي كتابك؟

قَالَ: إنّما وضعت ما أجمعوا عليه.

قَالَ الحاكم: أراد مُسْلِم أن يخرج الصّحيح على ثلاثة أقسام وثلاث طبقات من الرُّواة.

وقد ذكر مُسْلِم هَذَا فِي صدر خُطْبته١.

قَالَ الحاكم: فلم يقدَّر إلًا الفراغ من الطبقّة الأولى، مات.

ثُمَّ ذكر الحاكم ذاك القول الَّذِي هُوَ دعوى، وهو قَالَ أن لا يذكر من الحديث إلا ما رواه صحابيٌ مشهور، له راويان ثقتان وأكثر، ثُمَّ يرويه عَنْهُ تابعيّ مشهور، له أيضًا راويان ثقتان وأكثر، ثُمَّ كذلك مَن بعدهم.

قَالَ أبو عليّ الْجَيّانيّ: المُراد بهذا أنّ الصحابيّ أو هَذَا التّابعيّ، وقد روى عَنْهُ رجلان خرج بهما عن حدّ الجهالة٢.

قَالَ عِياض: وَالَّذِي تأوّله الحاكم على مُسْلِم من اخترام المَنِيّة له قبل استيفاء غَرَضه إلّا من الطبقة الأولى. فأنا أقول إنّك إذا نظرت تقسيم مُسْلِم فِي كتابه الحديث كما قَالَ على ثلاث طبقات من النّاس على غير تكرار. فذكر أنّ القسم الأول حديث الحُفّاظ، ثُمَّ قَالَ: إذا انقضى هَذَا أتْبَعَه بأحاديث من لم يوصف بالحِذْق والإتقان، وذكر أنّهم لاحقون بالطبقة الأولى، فهؤلاء مذكورون فِي كتابه لمن تدبَّر الأبواب،


١، ٢ السير "١٠/ ٣٩٠، ٣٩١".