للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقَالَ فِي مرضه: قد أطبق ديواني على مائة ألف مرتزق، وما أصبح فيهم أسوأ حالًا منيّ.

وزاد به انتفاخ رجله ومات.

ظهور القرامطة بسواد الكوفة:

وفيها ظهرت القرامطة بسواد الكوفة؛ وقد اختلفوا فيهم على أقوال: أحدها: إنّه قَدِمَ رجلٌ من ناحية خوزستان إِلَى الكوفة، فنزل النَّهرين وأظهر الزُّهد والتَّقشف، يعمل الخوص ويصوم. وَإِذَا جلس إليه إنسان وعظه وزهَّده في الدُّنيا، واعلمه أنّ الصُّلوات المفترضة في اليوم واللَّيلة خمسون صلاة حتّى خشي ذلك منه. ثمّ أعلمهم أنه يدعو إِلَى إمام من أَهْل البيت، فكانوا يجلسون إليه، ثُمَّ نظر نخلًا، فكان يأخذ من بقّالٍ كلَّ ليلةٍ رطل تمرٍ ثمَّ يفطر عليه، ويبيعه النَّوى.

فأتاه أصحاب النَّخل فأهانوه، وقَالَوا: ما كفاك أكل تمر النَّخل حَتَّى تبيع النَّوى؟ فقال البقال: ويحكم ظلمتموه فإنه لم يذق تمركم، وإنما يشتري مني التَّمر فيفطر عليه، ويبيعنيّ النَّوى.

فندموا على ضربه وتحللوه، وازداد نبلًا عند أَهْل القرية، وتبعه جماعة، فكان يأخذ من كل رجلٍ دينارًا، واتخذ منهم اثني عشر نقيبًا. وفرض عليهم كل يومٍ خمسين صلاة، سوى نوافل اشتعلن بها عن زراعاتهم، فخربت الضِّياع.

وكانت للهيصم ضياع هناك فقصروا، فبلغه شأنه، فطلبه وسأله عن أمره، فَأَخْبَرَه ودعاه إِلَى مذهبه. فحبسه في بيت وحلف ليقتلنّه. فسمعه جارية من جواريه، فرقَّت له، وأخذت المفتاح وفتحت عليه. ثمَّ قفلت الباب، وأعادت المفتاح إِلَى مكانه، فانتبه الهيصم ففتح الباب فلم يجده. وقَالَ النّاس: رفع إِلَى السماء.

ثُمَّ ظهر فِي مكانٍ آخر، فسألوه عن قصته فقال: من تعرَّض لي بسوء هلك. ثُمَّ انسحب إلى الشّام، فلم يعرف له خبز. وصحبه رجل يقال له كرميتة، ثمّ خفِّف، فقيل قرمط.