للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فندب أبا عُمَر محمد بن يوسف القاضي، فأجاب مسرعًا، وانحدر إلى واسط، فاجتمع ببدر، وأعطاه الأيمان المُغلّظة عن المُكْتَفِي، فنزل بدر بطيّار، وترك أصحابه بواسط ليلحقوه في البَرّ، فبينا هُوَ يسير، إِذْ تلقاه لؤلؤ غلام الْقَاسِم في جماعةٍ، فنقلوا القاضي إلى طيار آخر، وأصعدوا بدرًا إلى جزيرة، فَلَمَّا عرف أَنَّهُم قاتلوه قَالَ: دعُوني أصلّي ركعتين وأُوصي، فتركوه؛ فأوصى بعتق أرقابه، وصدقة ما يملك، وذبحوه في الرّكعة الثانية، في ليلة الجمعة السابعة والعشرين من شهر رمضان، وقدموا برأسه على المُكْتَفِي، فسجد.

ما قِيلَ في ذم القاضي أبي عُمَر:

وذمّ النَّاس أبا عُمَر القاضي وقالوا: هُوَ غرير؛ وندم القاضي غاية الندم.

فَقَالَ شاعر:

قل لقاضي مدينة المنصور ... بمَ أحللت أخذ رأس الأمير

بعد إعطائه المواثيق والعهد ... وعقد الأمان في منشور

أين أيمانك التي شهد الله ... على أنها يمينُ فُجور

أَنَّ كفّيكَ لا تُفارقُ كفيـ ... ـه إلى أنْ تُرى مَلِيكَ السرير

يا قليل الحياء يا أكذب الأ ... مة يا شاهدًا شهادة زور

أيّ أمر ركبت في الجمعة الغـ ... ـراء من ذي شهر هذي الشُّهُور

قد مضى من قتلت في رمضان ... صائمًا بعد سجدة التعفير

يا بني يوسف بن يعقوب أضحى ... أهل بغداد منكم في غرور١


١ تاريخ الطبري "١٠/ ٨٩، ٩٣"، مروج الذهب "٣/ ٢٧٦-٢٧٨"، البداية والنهاية "١١/ ٩٥".