للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هزيمة القَرْمَطيّ أمام بدر الحمامي:

وفي رمضان وصل القَرْمَطيّ أَيْضًا إلى دمشق، فخرج لقتاله بدر الحمامي صاحب ابن طولون فهزم القَرْمَطيّ، ووضع في أصحابه السيف وهرب الباقون في البادية، وبعث المُكْتَفِي في أثر صاحب الشامة الحُسَيْن بن حَمْدَان والقوّاد١.

وَقِيلَ: إنما كانت الوقعة بين بدر والقرمطي بأرض مصر، وأن القَرْمَطيّ انهزم إلى الشام في نفرٍ يسير، فسار على الرَّحْبة وهيت، فنهب وسبى، ومضى إلى الأهواز.

مقتل يَحْيَى بن زَكْرَوَيْه القَرْمَطيّ:

وفيها قُتل أبو الْقَاسِم يَحْيَى بن زَكْرَوَيْه بن مهرويه القَرْمَطيّ المعروف بالشيخ، وبالمُبَرْقَع.

وكان يسمي نفسه كذِبًا وبُهْتانًا: عَليّ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الحسين، وكان من دعاة القرامطة٢.

قيل: إن بدر الحمامي لقيه بحوران فِي هذه السنة، فاقتتلوا قتالًا عظيما، فقتل، فقام أخوه موضعه.

وكان سبب قتله أن بربريًا رماه بمِزْراقٍ، واتبعه نفّاط فأحرقه بالنار في وسط القتال، فنصب أصحابه أخاه الحُسَيْن بن زَكْرَوَيْه، ويسمى بصاحب الشامة، وزعم بكذبه أَنَّهُ: أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن إسْمَاعِيل بن الصادق جعفر، وأظهر شامةً في وجهه يزعم أنها آيته، وجاءه ابن عمّه عيسى بن مهرويه وزعم أَنَّهُ عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إسْمَاعِيل بن جعفر، ولقبّه المدثر، وعهد إليه، وزعم أَنَّهُ المُعين في السُّورة. ولقب غلامًا له المطوّق بالنُّور، وظهر على دمشق وحمص والشام، وعاث وأفسد، حَتَّى قتل الأطفال وسبى الحريم، وتسمى أمير المؤمنين المهدي، ودُعي له على المنابر٣.

وكان ليحيى بن زَكْرَوَيْه شعرٌ جيد في الحماسة والحرب. والله أعلم.


١ تاريخ الطبري "١٠/ ١٠٤".
٢ تاريخ الطبري "١٠/ ٩٩"، البداية والنهاية "١١/ ٩٦".
٣ تاريخ الطبري "١٠/ ٩٥، ٩٦"، البداية والنهاية "١١/ ٩٦"، النجوم الزاهرة "٣/ ١٠٤-١٠٦".