للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كُلَّمَا لاذَ بِهَا أَحَدُهُمَا اقْتَطَعَ بِسَيْفِهِ مَا دونه، حتى برز كل واحد منها لِصَاحِبِهِ، وَصَارَتْ بَيْنَهُمَا كَالرَّجُلِ الْقَائِمِ مَا فِيهَا فَنَنٌ١. ثُمَّ حَمَلَ عَلَى مُحَمَّدٍ فَضَرَبَهُ فَاتَّقَاهُ بِالدَّرَقَةِ، فَعَضَّتْ بِسَيْفِهِ فَأَمْسَكَتْهُ، وَضَرَبَهُ مُحَمَّدٌ حَتَّى قَتَلَهُ. فَقِيلَ إِنَّهُ ارْتَجَزَ وَقَالَ:

قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَاضِي ... حُلْوٌ إِذَا شِئْتُ وَسُمٌّ قَاضِي

وَكَانَ ارْتِجَازُ مَرْحَبٍ:

قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ ... شَاكِي السِّلاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ

إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ ... وَأَحْجَمَتْ عَنْ صَوْلَةِ الْمُغلَّبْ

أَطْعَنُ أَحْيَانًا وَحِينًا أَضْرِبُ ... إِنَّ حِمَايَ لِلْحِمَى لا يُقْرَبُ

وقال الواقدي: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الفضل بْن عُبَيْد الله عَنْ رافع بْن خُدَيْج عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِر قَالَ: وحدّثني زكريّا بْن زيد، عَنْ عَبْد الله بْن أَبِي سُفْيَان، عَنْ أبيه، عَنْ سَلَمَةَ بْن سلامة. قال: وعن مجمّع بْن يعقوب، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مجمّع بْن جارية قَالُوا جميعًا: إنّ مُحَمَّد بْن مَسْلَمَةَ قتل مَرْحبًا.

وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَلِيًّا حَمَلَ عَلَى مَرْحَبٍ فَقَطَرَهُ٢ عَلَى الْبَابِ، وفتح علي الباب الآخر، وَكَانَ لِلْحِصْنِ بَابَانِ.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَقِيلَ: إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ ضَرَبَ سَاقَيْ مَرْحَبٍ فَقَطَعَهُمَا، فَقَالَ: ذُقِ الْمَوْتَ كَمَا ذَاقَهُ أَخِي مَحْمُودٌ، وَجَاوَزَهُ، وَمَرَّ بِهِ عَلِيٌّ فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَأَخَذَ سَلْبَهُ. فَاخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَلْبِهِ، فَأَعْطَاهُ مُحَمَّدًا. وَكَانَ عِنْدَ آلِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ فِيهِ كِتَابٌ لا يُدْرَى مَا هُوَ، حَتَّى قَرَأَهُ يَهُودِيٌّ مِنْ يَهُودِ تَيْمَاءَ فَإِذَا هُوَ: هَذَا سَيْفُ مَرْحَبٍ مَنْ يَذُقْهُ يُعْطَبْ.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي محمد بن الفضل بن عبيد الله عن رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: بَرَزَ عَامِرٌ وَكَانَ طُوَالا جَسِيمًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ بَرَزَ وَطَلَعَ: "أَتَرَوْنَهُ خَمْسَةَ أَذْرُعٍ"؟ وَهُوَ يَدْعُو إِلَى الْبِرَازِ؛ فَبَرَزَ لَهُ عَلِيٌّ فَضَرَبَهُ


١ الفنن: الغصن.
٢ قطره: ألقاه على قطره أي: جنبه.