للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال موسى بن عقبة، عن ابن شهاب قَالَ: كانت بنو فزارة ممّن قدِم أهل خيبر ليُعِيُنوهم. فراسلهم رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ لا يعينوهم، وسألهم أن يخرجوا عَنْهُمْ، ولكم من خيبر كذا وكذا, فأَبَوا عَلَيْهِ, فلما فتح الله خيبرَ، أتاه من كَانَ هنالك من بني فزارة، قَالَوا: اعْطِنا حظَّنا الَّذِي وعدْتنا. فقال: "حظّكم -أو قال: لكم ذو الرقيبة". جبل خيبر- قَالُوا: إذًا نقاتلك. فقال: "موعدكم جَنَفَاء". فلما سمعوا ذَلِكَ هربوا. جنفاء ماء من مياه بني فزارة.

وقال خ، ثنا مكّي بْن إِبْرَاهِيم، نا يزيد بْن أَبِي عُبَيْد قَالَ: رَأَيْت أثر ضربة فِي ساق سَلَمَةَ, فقلت: يا أَبَا مُسْلِم، ما هذه الضربة؟ فقال: هذه ضربة أصابتني يومَ خيبر، فقال النّاس: أصيب سَلَمَةَ، فأتيت النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنَفَثَ فيها ثلاث نَفَثَاتٍ، فما اشتكيتُها حتى السّاعة.

وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْتَقَى هُوَ وَالْمُشْرِكُونَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَاقْتَتَلُوا. فَمَالَ كُلُّ فَرِيقٍ إِلَى عَسْكَرِهِمْ، وَفِي الْمُسْلِمِينَ رَجُلٌ لَا يَدَعُ لِلْمُشْرِكِينَ شَاذَّةً وَلَا فَاذَّةً إِلا اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ". فَقَالُوا: أَيُّنَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: وَاللَّهِ لَا يَمُوتُ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ أَبَدًا، فَاتَّبَعَهُ حَتَّى جُرِحَ، فَاشْتَدَّتْ جِرَاحَتُهُ وَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَوَضَعَ سَيْفَهُ بِالْأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ. فَجَاءَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: "وَمَا ذَاكَ"؟ فَأَخْبَرَهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الرَّجُلَ لِيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّهُ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَإِنَّهُ لِمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ١.

وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هريرة قَالَ: شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيْبَرَ، فَقَالَ لِرَجُلٍ؛ يَعْنِيَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ". فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ قَاتَلَ الرَّجُلُ. فذكر نحو حديث سهل بن سعد.


١ أخرجه البخاري في "المغازي" باب: غزوة خيبر "٥/ ٧٦"، ومسلم "١١٢" في الإيمان.