للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن ابن سُرَيْج أنّه تكلّم يومًا، فأعجب به بعض الحاضرين، فقال ابن سُرَيْج: هذا بَرَكَة مُجالستي لأبي القاسم الْجُنَيْد١.

وعن أبي القاسم الكعبي أنه قال يومًا: رأيت لكم شيخًا ببغداد يقال له الْجُنَيْد، ما رأت عيناي مثله؛ كان الكَتَبَةُ يحضرون لألفاظه، والفلاسفة يحضرونه لدِقَّة معانيه، والمتكلّمون يحضرون لتمام عِلْمه، وكلامه باين عن فهمهم وكلامهم وعِلْمهم.

وقال الخُلْديّ: لم يُرَ في شيوخنا مَن اجتمع له علمٌ وحالٌ غير الْجُنَيْد، كانت له حالٌ خطيرة وعلمٌ غزير. فإذا رأيت حاله وحجَّته على علمه، وإذا رأيت علمه وحجته على حاله٢.

وقال أبو سهل الصُّعْلُوكيّ: سمعت أبا محمد المرتعش يقول: قال الْجُنَيْد: كنت بين يدي السَّريّ السَّقطيّ ألعب وأنا ابن سبْع سنين، وبين يديه جماعة يتكلون في الشُّكْر.

فقال: يا غلام ما الشُّكْر؟ فقال: أن لا يُعْصَ الله بِنِعَمِهِ.

فقال: أخشى أن يكون حظك من الله لسانك.

قال الْجُنَيْد: فلا أزال أبكي على هذه الكلمة الّتي قالها لي٣.

وقال السُّلَميّ: سمعت جدّي إسماعيل بن نُجَيْد يقول: -كان الْجُنَيْد- يجيء فيفتح حانوته، ويسبل الستر، ويصلي أربعمائة ركعة٤.

وعن الْجُنَيْد قال: أعلى درجة الكِبْر أن ترى نفسَك، وأدناها أن تخطر ببالك٥، يعني نفسك.

وقال الجريريّ٦: سمعته يقول: ما أخذنا التصوّف عن القال والقيل، لكن عن الجوع، وترك الدنيا، وقطع المألوفات.


١ تاريخ بغداد "٧/ ٢٤٣"، وطبقات الأولياء "١٣١".
٢ تاريخ بغداد "٧/ ٢٤٤"، صفة الصفوة "٢/ ٤١٧".
٣ تاريخ بغداد "٧/ ٢٤٤"، صفة الصفوة "٢/ ٤١٧"، وطبقات الأولياء "١٢٧".
٤ تاريخ بغداد "٧/ ٢٤٥"، وصفة الصفوة "٢/ ٤١٧".
٥ تاريخ بغداد "٧/ ٢٤٥"، حلية الأولياء "١٠/ ٢٧٣".
٦ في الأصل "الجوهري" وفي تاريخ بغداد "الحريري".