للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولعِزَّة أبيه على المعتضد استوزر وَلَدَه هذا بعده، وكان شابًا غِرًّا بالأمور، قليل التَّقْوَى، وإنما أنفق على المكتفي لأنّه خدمه، وثبّت له الأمور، وكان مع قلّة خبرته سفّاكًا للدّماء، حَمَلَ المكتفي على قتْل بَدْر، وعلى قتل عبد الواحد بن الموفّق ابن عم المكتفي. ولمّا مات أظهر النّاس الشَّماتَةَ بموته.

وقال الصُّوليّ: قَالَ أبو الحارث النَّوْفَليّ: كنت أبغض القاسم بن عُبَيْد الله لكُفْره، ولمكْروهٍ نالني منه.

قَالَ ابن النّجّار: وأخذ البيعة للمكتفي، وكان غائبًا بالرَّقَّة، وضبط له الخزائن، فعظُم عنده، ولقّبه والي الدولة، فسأل المكتفي أن يزوّج ولده محمد بابنة القاسم، فأجابه، وأمهرها مائة ألف دينار.

قَالَ ابن النّجّار: كان جوادًا ممدَّحًا إلّا أنّه كان زِنْديقًا، فاسد الاعتقاد.

وكان أبو إسحاق الزّجّاج مؤدّبه، فنال في وزارته منه مالًا جزيلًا. كان يقضي أشغالًا كبارًا عنه، فيأخذ عليها، حتّى حصّل نحوًا من أربعين ألف دينار. وقد أعطاه في دفعة واحدة ثلاثة آلاف دينار.

لم يُكمل القاسم ثلاثًا وثلاثين سنة، لا رحمه الله، فقد كان لعينًا قَالَ الصُّوليّ: ثنا شاذي المُغَنّي قَالَ: كنت يومًا عند القاسم بن عُبَيْد الله وهو يشرب، فدخل ابن فِراس، فقرأ عليه شيئًا من عهد أزْدَشير، فأعجب القاسم، فَقَالَ له ابن فِراس: هذا واللهِ، وأومأ إليّ، أَحْسَنُ مِنْ بقرة هؤلاء وآل عِمْرانهم. وجعلا يتضاحكان.

وقال الصُّوليّ: نا ابن عَبْدُون: حدَّثني الوزير عبّاس بن الحَسَن قَالَ: كنت عند القاسم بن عُبَيْد الله، فقرأ قارئ: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: ١١٠] فَقَالَ ابن فِراس: بنقصان "يا" فوثبت فزِعًا، فرآني الوزير وغَمزه، فسكت.

الصُّوليّ: نا عليّ بن العبّاس النُّوبَخْتيّ قَالَ: انصرف ابن الرُّوميّ الشّاعر من عند القاسم بن عُبَيْد الله، فَقَالَ لي: ما رأيت مثل حُجّة أوردها اليوم الوزير في قِدَم العالم. وذكر أبياتًا.

قلت: فهذه الأمور دالّة على خِلالِ هذا المغتر.