وفي ذي الحجّة استوحش مؤنس من المقتدر؛ لأنه بلغه اجتماع الوزير والقُوّاد عَلَى العمل عَلَى مؤنس. فعزم خواصُّه عَلَى كبس الوزير، فعلم، فتغيب عَنْ داره.
وطلب مؤنس من المقتدر عزْل الوزير فعزله. فقال: انفيه إلى عُمان. فامتنع المقتدر.
وأوقع الوزير في ذهن المقتدر أنّ مؤنسًا يريد أنّ يأخذ الأمير أبا العبّاس من داره، ويذهب بهِ إلى الشّام ومصر، ويعقد لَهُ بالخلافة هناك. ثمّ كتب الحُسين الوزير يستحثّ هارون بْن غريب عَلَى المجيء، وكتب إلى محمد بْن ياقوت، وكان بالأهواز، أنّ يُسرع الحضور. فصحَّ عند مؤنس أنّ الوزير يدبِّر عَلَيْهِ، فخرج إلى الشماسية بأصحابه، وكتب إلى المقتدر: إن مفلحًا الأسود مطابقٌ للحسين، وإن نفسي لَا تسكن حتّى تبعث إليَّ بمفلح فأقلده أجل الأعمال ويخرج إليها.
فأجابه المقتدر: إنّ مفلحًا خادمٌ يوثق بخدمته، ولم يدخل فيما توهمت.
فلمّا سمع مؤنس هذا، وأن الوزير ينفق في الرجّال، وأن هارون قد قرب من بغداد، أظهر الغضب وخرج إلى الموصل، فلحق بهِ أصحابه، فقبض الوزير عَلَى حواصله وأملاكه. وهنّى النّاس الوزير بذهاب مؤنس، وزاد محلُّه عند المقتدر، ولقبه "عميد الدولة". وكتب ذَلِكَ على الدينار والدرهم.
ذكر انتصار مؤنس ودخوله الموِصل:
وكتب الوزير إلى داود وسعيد ابن حمدان، والحسن بْن عَبْد اللَّه بْن حمدان بمحاربة مؤنس، فتعبّوا في ثلاثين ألفًا، وكان مؤنس في ثمانمائة، فنصر عليهم وهزمهم، وملك الموصل في صفر سنة عشرين.
ذكر هرب أهل الكوفة من القَرْمَطيّ:
وفيها: نزل القرمطي الكوفة، فهرب أهلها إلى بغداد.
ذكر دخول الديلم الدينور:
وفيها: دخلت الديلم فقتلوا وسبوا، فجاء من هرب إلى بغداد ورفعوا