وقال أبو بَكْر محمد بْن عليّ الفقيه الشّاشيّ: حضرتُ ابن خُزَيْمة، فقال لَهُ أبو بَكْر النَّقاش المقرئ: بلغني أَنَّهُ لما وقع بين المُزَنيّ وابن عَبْد الحَكَم، قِيلَ للمُزَنيّ: إنّه يردّ عَلَى الشّافعيّ، فقال: لَا يُمكنه إلّا بمحمد بْن إِسْحَاق النَّيْسابوريّ.
فقال أبو بَكْر: كذا كَانَ.
وقال الحاكم: سَمِعْتُ أبا سعد عَبْد الرَّحْمَن بْن المقرئ: سَمِعْتُ ابن خُزَيْمة يَقُولُ: القرآن كلام اللَّه ووحْيه وتنزيله غير مخلوق. ومن قَالَ: إنّ شيئًا من تنزيله ووحيه مخلوق، أو يَقُولُ: إنّ أفعاله تعالى مخلوقه، إنّ القرآن محدث فهو جَهْميّ.
ومن نظر في كُتُبي بْان لَهُ أنّ الكلابية كذبة فيما يحكون عنّي، فقد عرف الخلْق أَنَّهُ لم يصنف أحدٌ في التوحيد والقدر وأصول العلم مثل تصنيفي.
وقال أبو أحمد حُسَيْنَك: سَمِعْتُ إمام الأئمّة ابن خُزَيْمة يحكي عَنْ عليّ بْن خَشْرَم، عَنْ إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْه أنه قَالَ: أحفظ سبعين ألف حديث. فقلت لابن خُزَيْمة: فكم يحفظ الشَّيْخ؟ فضربني عَلَى رأسي، وقال: ما أكثر فضولك.
ثمّ قَالَ: يا بُنيّ، ما كتبت سوادًا في بياض إلا وأنا أعرفه.
قال: وحكى أبو بِشْر القطّان قَالَ: رأى جارٌ لابن خُزَيْمة من أهل العلم كأنّ لوحًا عَلَيْهِ صورة نبّينا صلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن خُزَيْمة يعتقله، فقال المعبّر: هذا رجلٌ يُحْيى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَدْ نقل الحاكم أنّ ابن خُزَيْمة عمل دعوةً عظيمة ببستان، فمرّ في الأسواق يعزم عَلَى التُّجّار، فبادروا معه وخرجوا، ونقل كلّ ما في البلد من المأكل والشِّواء والحلْواء. وكان يومًا مشهودًا بكثرة الخلْق، لم يتهيأ مثله إلّا لسلطان كبير.
قَالَ: الْإِمَام أبو عليّ الحافظ: كَانَ ابن خُزَيْمة يحفظ الفِقْهيّات من حديثه، كما يحفظ القارئ السُّورة.
وقال الدَّارَقُطْنيّ: كَانَ ابن خُزَيْمة إمامًا ثَبْتًا معدوم النّظير.
تُوُفّي ابن خُزَيْمة في ثاني ذي القعدة. وقد استوعب أخباره الحاكم أبو عبد الله في "تاريخ نَيْسابور"، وفيها أشياء كيّسة وأخبار مفيدة.
ذكر ابن حِبّان أَنَّهُ لم يرَ مثل ابن خُزَيْمة في حِفْظ الإسناد والمَتْن، فأخبرنا ابن