أبو عبد الله المَرْوَزِيّ الزّاهد العابد، الملقب بالخياط؛ لأنّه كَانَ يخيط عَلَى الأيتام والمساكين حسْبةً.
ولي قضاء نيسابور سنة ثمانٍ وثلاثمائة، إلى أنّ استعفى سنة إحدى عشرة. وردَّ خريطة الحَكَم ابتداء منه إلى الرئيس أَبِي الفضل البَلْعَميّ، فلم يشرب لأحدٍ ماءً، ولا عُثِر عَلَيْهِ في الدين والدُّنيا عَلَى زلّة.
وكان لَا يدع سماع الحديث وهو عليّ القضاء، ولا يتخلف عَنْ مجالس أَبِي العبّاس السّرّاج.
وقد كان سمع منه: عليّ بْن خَشْرَم، ومحمود بْن آدم، وأحمد بْن سيّار، والمشايخ.
وسُئل أنّ يحدّث فلم يحدِّث إلّا في المذاكرة بالشيء بعد الشيء. قاله الحاكم.
وقد سَمِعْتُ أبا الوليد الفقيه يَقُولُ: مررتُ أَنَا وأبو الحَسَن الصباغ عَلَى باب مسجد رجاء، ومحمد بْن عليّ الخياط جالس وكاتبه بحذائه، وليس معهما أحد. فقلت: أنحتسب ونتقدم إِلَيْهِ، ويدعي أحدنا عَلَى الآخر؟.
فتقدمنا وجلسنا، فادعيت أَنَا أو هُوَ أنّي سَمِعْتُ في كتابه، وليس يعيرني سماعي. فسكت ساعة ثمّ قَالَ: بإذنك سمَّع في كتابك؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فأعِرْه سماعه.
وقال الحاكم: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: كَانَ محمد بْن عليّ الحاكم المَرْوَزِيّ طول أيامه يسكن دار ابن حمدون بحذاء دارنا، وكنتُ أعرفه يخيط بالليل، وعند فراغه بالنهار، للأيتام والضعفاء، ويعدها صدقة.
سَمِعْتُ محمد بْن عَبْدان خادم الجامع يَقُولُ: كَانَ محمد بْن عليّ الحاكم يجيء في كل أسبوع ليلة إلى الجامع، فيتعبَّد إلى الصّبّاح من حيث لَا يعرف غيري. فصادفته ليلةً وهو يتلو:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُون}