الوزارة أنّه يستخلص له منه ثلاثة آلاف ألف دينار. وأشار باستدعاء بَجْكَم ونصبه في بغداد. فأصغى إليه، فكتب ابن مقلة إلى بَجْكَم يخبره ويحثّه على القدوم.
واتّفق معهم أنّ ابن مقلة ينحدر سرًّا إلى الرّاضي ويقيم عنده، فركب من داره، وعليه طَيْلَسان، في رمضان في الليل. فلمّا وصل إلى دار الخليفة لم يُمَكَّن، وعُدِلَ به إلى حُجْرة فحُبِس بها.
وبعث الرّاضي إلى ابن رائق فأخبره. فتردَّد الرُّسُل بينهما أسبوعين، ثمّ أظهر الخليفة أمره، واستفتى القُضاة في أمرِه، وأفشى ما أشار به ابن مقلة من مجيء بجكم وقبض ابن رائق.
فيقال: أنّ القضاة، أفْتوا بقطع يده، ولم يصحّ.
ثمّ أخرجه الرّاضي إلى الدِّهْليز، فقطعت يدُه بحضرة الأمراء١.
رواية ابن سِنان عن ابن مقلة:
قال ثابت بن سِنان: فاستدعاني الرّاضي وأمرني بالدّخول عليه وعلاجه، فدخلت، فإذا به جالس يبكي، ولونه مثل الرصاص، فشكا ضَرَبَان ساعِده. فطلبتُ كافورًا، وطليتُ به ساعدَه فسَكَن. وكنتُ أتردد عليه، فعرضَتْ له عِلّه النُّقْرُس في رِجْلهِ.
ثمّ لمّا قرُب بَجْكَم من بغداد قطع ابن رائق لسان ابن مقلة، وبقي في الحبْس مدة، ثمّ لحِقَه ذِرب وشقي إلى أنّ مات بدار الخلافة.
وقد وَزَرَ ثلاث مرّات لثلاثة من الخلفاء. ومات سنة ثمانٍ وعشرين، وهو صاحب الخطّ المنسوب.
دخول بَجْكَم بغداد وتلقيبه: أمير الأمراء:
ثمّ أقبل بَجْكَم في جيوشه وضعُفَ عنه محمد بن رائق، فاستتر ببغداد، ودخلها
١ تكملة تاريخ الطبري "١/ ١٠٩" المنتظم "٦/ ٢٩٣"، البداية والنهاية "١١/ ١٨٨"، الكامل في التاريخ "٨/ ٣٤٥".