وفي ربيع الأوّل اشتدّت عِلّة الرّاضي بالله، وقَاءَ في يومين أرطالًا من دم، وماتَ. وبويع المتّقي لله أخوه.
وكان الرّاضي سَمحا كريمًا أديبًا شاعرًا فصيحًا، محبًا للعلمّاء. سمع مِن البَغَويّ، وله شِعُر مدوَّن.
قال الصُّولِيُّ: سُئِل الرّاضي أنّ يخطب يومَ الجمعة، فصعِدَ المِنْبر بسُرَّ من رأى، فحضرت أنا وإسحاق بن المعتمد. فلمّا خطب شنَّف الإسماعَ وبالَغَ في الموعظة. ثمّ نزل فصلّى بالنّاس.
وقيل: إنّ الرّاضي استسقى وأصابَه ذِرب عظيم. وكان من أعظم آفاتِه كثْرة الْجِماع.
تُوُفّي في منتصف ربيع الآخر وله إحدى وثلاثون سنة ونصف. ودُفِن بالرَّصافة. وهو آخر خليفة جالس النُّدماء.
خِلافَة المتَّقي:
وقال الصُّوليّ: لمّا مات الرّاضي، كان بَجْكَم بواسط، وبلغه الخبر، فكتب إلى كاتبه أبي عبد الله أحمد بن عليّ الكوفيّ يأمره أنّ يجمع القُضاة والأعيان بحضرة وزير الرّاضي أبي القاسم سليمان بن الحسن ويشاورهم فيمن يصلُح.
وبعث الحُسين بن الفضل بن المّأمون إلى الكوفيّ بعشرة آلاف دينار له، وبأربعين ألف دينار ليفرِّقها في الْجُنْد إنّ ولّاه الخلافة، فلم ينفع.
ثمّ إنّهم اتّفقوا على أبي إسحاق إبراهيم بن المقتدر، فأحدروه من داره إلى دار الخلافة لعشرٍ بقين مِن الشهر، فَبَايعوه وهو ابن أربعٍ وثلاثين سنة.
وأُمُّهُ أمةٌ اسمها خَلُوب، أَدْرَكَتْ خلافته. وكان حس الوجه، معتدل الخَلْق بحُمْره، أَشْهل العين، كَثّ اللحية. فصلى ركعتين وصعد إلى السّرير، وبايعوه، ولم يغيّر شيئًا قط، ولم يَتَسَرَّ على جاريته الّتي له.
وكان كثير الصوم والتعبد، لم يشرب نبيذًا قط. وكان يقول: لا أريد نديمًا غير المصحف١.