للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَهْدٍ بِعِزٍّ وَمُلْكٍ، فَأَصَابَتْهُمْ نَكْبَةٌ فَضَعْضَعَتْهُمْ وَلَمْ يَفْقَهُوا كَيْفَ الإِيمَانُ، فَأَتَأَلَّفُهُمْ, حَتَّى إِذَا عَلِمُوا كَيْفَ الإِيمَانُ وَفَقِهُوا فِيهِ عَلَّمْتُهُمْ كَيْفَ الْقَسْمُ وَأَيْنَ مَوْضِعُهُ". وَسَاقَ بَاقِي الْحَدِيثِ.

وَقَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ آثَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَاسًا فِي الْقِسْمَةِ، فَأَعْطَى الْأَقْرَعَ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ، وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَأَعْطَى نَاسًا مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ وَآثَرَهُمْ يَوْمَئِذٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: وَاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا عُدِلَ فِيهَا وَمَا أُرِيدُ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ. فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَأُخْبِرَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَأَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ، فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ حَتَّى صَارَ كَالصِّرْفِ١، وَقَالَ: "فمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ يَعْدِلِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ثُمَّ قَالَ: "يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى، قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ". فَقُلْتُ: لَا جَرَمَ لَا أَرْفَعُ إِلَيْهِ بَعْدَ هَذَا حَدِيثًا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ٢.

وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ بِالْجِعْرَانَةِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَقْسِمُ غَنَائِمَ مُنْصَرِفَةً مِنْ حُنَيْنٍ، وَفِي ثَوْبِ بِلَالِ فِضَةٌ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْبِضُ مِنْهَا يُعْطِي النَّاسَ. فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، اعْدِلْ. فَقَالَ: "وَيْلُكَ، وَمَنْ يَعْدِلْ إِذَا لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ؟ لَقَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَكْن أَعْدِلُ". فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي أَقْتُلَ هَذَا الْمُنَافِقَ.

قَالَ: "مَعاذَ اللَّهِ، أَنْ يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنِّي أَقْتُلُ أَصْحَابِي، إِنَّ هَذَا وَأَصْحَابَهُ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ٣.

وَقَالَ شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَقْسِمُ قَسْمًا، إِذْ أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ التَّمِيمِيُّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ. فَقَالَ: "وَيْلَكَ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ، لَقَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إن لم أعدل". فقال عمر: إيذن لِي فِيهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبُ عُنُقَهُ. قَالَ: "دَعْهُ، فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاتَهُ مَعَ صَلاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَءُونَ القرآن لا


١ الصرف: صبغ أحمر يشبه به الدم.
٢ أخرجه البخاري في "المغازي" "٥/ ١٠٦"، ومسلم "١٤٠/ ١٠٦٢"، في الزكاة.
٣ في "الزكاة" "١٤٢/ ١٠٦٣"، وغيره.