للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفاة أخت معز الدولة:

وفيها: تُوُفِّيت أخت مُعِزّ الدولة ببغداد، فنزل المطيع في طيّارة إلى دار مُعِزّ الدولة يعزّيه، فخرج إليه معزّ الدولة ولم يكلّفه الصعودَ من الطيّارة، وقبّل الأرض مَرات، ورجع الخليفة إلى داره١.

بناء ملك الروم لقيسارية:

وفيها: بنى نقفور ملك الروم قَيْساريّة، بناها قريبًا من بلاد المسلمين، وسكنها ليُغِيرَ كلَّ وقت، وترك أبناءه بالقسطنطينية، فبعث أهل طرسوس والمصيصة إليه يسألوه أن يقبل منهم حِمْلًا كل سنة، ويُنْفِذ إليهم نايبًا له يقيم عندهم، فأجابهم، ثم رأي أنّ أهل البلاد قد ضَعُفوا جدًّا، وأنّهم لا ناصر لهم، وأنّهم من القحط قد أكلوا الميتة والكلاب، وأنّه يخرج كل يوم من طرسوس ثلاثمائة جنازة، فبدا له في الإجابة، ثم أحضر رسولهم وقال: مَثَلُكُمْ مِثْل الحّية في الشتاء إذا لحقها البرد ضعُفَتْ وذبلت حتى يظنّ الظانّ أنّها ميّتة، فإذا أخذها إنسان وأحسن إليها ودفّاها انتعشت فلذعته وقتلته، وأنا إنْ أترككم حتى تستقيم أحوالكم تأذَّيت بكم، ثم أحرق الكتاب على رأس الرسول فاحترقت لحيته، وقال: قم، ما لهم عندي إلّا السيف. ثم سار بنفسه إلى المَصِّيصة ففتحها بالسسيف في رجب، وقتل وسبى وأسر ما لا يُحصَى، ثم سار إلى طَرَسوس فحاصرها، فطلب أهلُها أمانًا، فأعطاهم، ففتحوا له، فدخلها، ولقي أهلَها بالجميل، وأمرهم بالخروج منها، وأن يحمل كل واحد من ماله وسلاحه ما أطاق، ففعلوا، وبعث من يَخْفُرُهم إلى أنطاكية، وجعل الجامع إصطَبْلًا لدوابّه، وعمل فيها وفي المَصِّيصة جيشًا يحفظونهما، وأمر بتحصينهما. وقيل: رجع جماعة من أهل المَصِّيصة إليها وتنصّروا٢.

وكان السبب في فتح المَصّيصة أنهّم هدموا سُورها بالثقوب، فأشار عليهم رجل بحيث أن يُخْرِجوا الأسارى؛ ليعطف عليهم الملك نقفور، فأخرجوهم، فعَّرفه الأسارى بعدم الأقوات، وأطمعوه في فتحها، فزحف عليها، ولقد قاتل أهلها في الشوارع حتى أبادوا من الروم أربعة آلاف، ثم غلبوهم بالكثرة وقتلوهم، وأخذوا من أعيانهم


١ انظر المنتظم "٧/ ٢٣".
٢ انظر الكامل "٨/ ٥٦٠".