يقول: تقدّم ليلة إليّ بمكة ثلاثة فقالوا: أخٌ لك بخراسان قتل أخانا ونحن نقتلك به. فقلت: اتّقُوا الله، فإنّ خُراسان ليست بمدينة واحدة، فلم أزل أداريهم إلى أن اجتمع الناس وخلّوا عنّي، فهذا سبب انتقالي من مكة إلى بغداد١.
وقال الحاكم: سمعت الدارَقُطْنيّ يقول: صنَّفت لدَعْلَج الْمُسْنَدَ الكبير، فكان إذا شكّ في حديث ضرب عليه، ولم أر في مشايخنا أثْبَتَ منه وسمعت عمر البَصْري يقول: ما رأيت ببغداد فيمن انتخبت عليهم أصحَّ كتبًا ولا أحسن سماعًا من دَعْلَج.
قال الحاكم: اشتري دَعْلَج بمكة دار العبّاسية بثلاثين ألف دينار. قال: ويقال لم يكن في الدنيا من التّجار أيسر من دَعْلَج.
وقال الخطيب: بلغني أنه بعث بالمُسْنَد إلى ابن عُقدَة لينظر فيه، وجعل في الأجزاء بين كل ورقتين دينارًا.
وقال ابن حَيُّوَيْه: أدخلني دَعْلَجُ دارَه وأراني بدَرًا من المال مُعَبَّأةً، وقال لي: يا أبا عمر، خذ من هذا ما شئت، فشكرت له وقلت: أنا في كفاية وغِنّى عنها.
توفِّي دَعْلَجُ في جُمادى الآخرة، وله نيّف وتسعون سنة.
وقال أبو ذَرّ الهَرَوِيّ: بلغني أن معزّ الدولة قال: أوّل مال من المواريث أخذ مال دعلج، خلّف ثلاثمائة ألف دينار.
وقال أبو العلاء الواسطي: كان دَعْلَجُ يقول: ليس في الدنيا مثل داري؛ لأنّه ليس في الدنيا مثل بغداد، ولا ببغداد مثل القطيعة؛ ولأنّها مثل درب أبي خلف، ولا في الدرْب مثل داري.
ونقل الخطيب أنّ رجلًا صلّى الجمعة فرأى رجلًا ناسكًا لم يصلّ، وكلّمه فقال: استر عليّ، عليّ لدَعْلَجُ خمسة آلاف درهم، فلمَّا رأيته أحدثت في ثيابي، فبلغ دَعْلَجُ فطلب الرجل إلى منزله وأبرأه منها، ووصله بخمسة آلاف لكونه رَوَّعه.
وقال أحمد بن الحسن الواعظ: أَوْدَعَ أبو عبد الله بن أبي موسى الهاشمي عشرة آلاف دينار ليتيم فأنفقها، فلما كَبُرَ الصَّبي أمر السلطان بدفع المال إليه، قال ابن أبي موسى: فضاقت عليّ الدنيا فبكّرت على بغلتي إلى الكَرْخ، فوقفت على باب مسجد