للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِلالٌ يَأْتِينَا بِفِطْرِنَا فَنَقُولُ: أَفْطَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، مَا جِئْتُكُمْ حَتَّى أَفْطَرَ، فَيَضَعُ يَدَهُ فَيَأْكُلُ وَنَأْكُلُ.

وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْزَلَهُمْ فِي قُبَّةٍ فِي الْمَسْجِدِ، لِيَكُونَ أَرَقَّ لِقُلُوبِهِمْ. وَاشْتَرَطُوا عَلَيْهِ حِينَ أَسْلَمُوا أَنْ لَا يُحْشَرُوا وَلَا يُعْشَرُوا وَلَا يُجَبُّوا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا خَيْرَ فِي دِينٍ لَيْسَ فِيهِ رُكُوعٌ، وَلَكُمْ أَنْ لَا تُحْشَرُوا وَلَا تُعْشَرُوا".

وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، نا إسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبٍ، قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرًا عَنْ شَأْنِ ثَقِيفٍ إِذْ بَايَعَتْ قَالَ: اشْتَرَطَتْ عَلَى النّبيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن لا صَدَقَةَ عَلَيْهَا وَلا جِهَادَ، وَأَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ: "سَيَتَصَدَّقُونَ وَيُجَاهِدُونَ إِذَا أَسْلَمُوا".

وقال مُوسَى بْن عُقْبة، وعن عُرْوَةُ بمعناه، قَالَ: فأسلم عُرْوَةُ بْن مَسْعُود، واستأذن رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليرجع إلى قومه, فقال: "إنّي أخاف أَن يقتلوك". قَالَ: لو وجدوني نائمًا ما أيقظوني. فأذن لَهُ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فرجع إلى الطائف، وقدِم الطائف عَشِيًّا فجاءته ثقيف فحيّوه، ودعاهم إلى الْإِسْلَام, ونصح لهم، فاتَّهموه وعَصَوْه، وأَسْمعوه من الأذى ما لم يكن يخشاهم عَلَيْهِ, فخرجوا من عنده، حتّى إذا أسحر وطلع الفجر، قام عَلَى غرفةٍ لَهُ فِي داره فأذّن بالصلاة وتشهدّ، فرماه رَجُل من ثقيف بسهمٍ فقتله.

فزعموا أَنَّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ حين بلغه قَتْله: "مَثَلُ عُرْوَةُ مَثَل صاحِب ياسين، دعا قومه إلى اللَّه فقتلوه".

وأقبل -بعد قتله- من وفد ثقيف بضعةُ عشر رجلًا هُمْ أشراف ثقيف، فيهم كِنَانة بْن عَبْد يالَيِل وهو رأسهم يومئذٍ، وفيهم عثمان بْن أَبِي العاص بْن بشر، وهو أصغرهم. حَتَّى قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المدينة يريدون الصُّلْح، حين رأوا أنَّ قد فُتحت مكة وأَسلمت عامّة العرب.

فقال المُغيرة بْن شُعْبَة: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَنْزِلُ على قومي فأكرمهم، فإني حديث


١ "صحيح": أخرجه أبو داود "٣٠٢٥" في "الخراج والإمارة والفيء"، وقال الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" "٢٦١٤": صحيح، وكذلك في "الصحيحة" "١٨٨٨".