للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكنّا نعبد الحجَر فِي الجاهلية, وإذا لم نجد حجرًا جمعنا حثية من ترابٍ ثمّ حَلَبْنا عليها كُثْبَة اللَّبَن، ثمّ نطوف بِهِ.

وَقَالَ إسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد، عَنْ قيس بْن أَبِي حازم، قَالَ: جَاءَ رجلٌ إِلَى ابْن مَسْعُود فَقَالَ: إنّي مررت ببعض مساجد بني حنيفة وهم يقرءون قراءةً ما أنزلها اللَّه: الطَّاحِنات طَحْنًا، والعاجنات عَجْنًا، والخابزات خَبْزًا، والثَّاردات ثَرْدًا، واللاقمات لَقْمًا. فأرسل إليهم عَبْد اللَّه فأتى بهم، وهم سبعون رجلًا ورَأسُهم عَبْد اللَّه بْن النَّوَّاحَة. قَالَ: فأمَر بِهِ عَبْد اللَّه فقُتل. ثمّ قَالَ: ما كنّا بمُحْرِزِين الشَّيْطان من هَؤُلَاءِ، ولكنّا نَحْدُرهم إلى الشّأْم لعلّ اللَّه أنَّ يَكْفِيَنَاهُمْ.

وَقَالَ الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: جَاءَ ابْنُ النَّوَّاحَةِ وَابْنُ أُثَالٍ رَسُولَيْنِ لِمُسَيْلَمَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَشْهَدَانِ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ"؟ فَقَالَ: نَشْهَدُ أَنَّ مُسَيْلَمَةَ رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالَ: "آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ، وَلَوْ كُنْتُ قَاتِلا رَسُولا لَقَتَلْتُكُمَا".

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فمَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّ الرُّسُلَ لا تُقتَلُ.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَمَّا ابْنُ أُثَالٍ فَقَدْ كَفَانَا اللَّهُ، وَأَمَّا ابْنُ النَّوَّاحَةِ فَلَمْ يَزَلْ فِي نَفْسِي حَتَّى أَمْكَنَ اللَّهُ مِنْهُ.

رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطيالسي في مسنده، عن الْمَسْعُودِيِّ. وَلَهُ شَاهِدٌ.

قَالَ يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ طَارِقٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُعَيْمِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ جَاءَهُ رَسُولَا مُسَيْلَمَةَ الْكَذَّابِ بِكِتَابِهِ يَقُولُ لَهُمَا: "وَأَنْتُمَا تَقُولَانِ بِمِثْلِ مَا يَقُولُ"؟ قَالَا: نَعَمْ. فَقَالَ: "أَمَا وَاللَّهِ لَوْلَا أَنَّ الرُّسُلَ لَا تُقْتَلُ لَضَربْتُ أَعْنَاقَكُمَا".

وقال ابن إِسْحَاق: وقد كَانَ مسيلمة كتب إِلَى رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي آخر سنة عَشْرٍ: من مسيلمة رَسُول اللَّهِ إلى مُحَمَّد رَسُول اللَّهِ, سلام عليك، أما بعد، فإنّي قد أُشركت فِي الأمر معك، وإنّ لنا نِصْفَ الأرض، ولكنّ قريشًا قوم يعتدون".

فكتب إِلَيْهِ: "من مُحَمَّد رَسُول اللَّهِ إلى مسيلمة الكذّاب, سلام عَلَى من اتَّبع الْهُدَى، أما بعدُ، فإنّ الأرض لله يُورثها من يشاء من عبادة، والعاقبة للمتقين".