للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رُكْن الدولة أبو علي الدّيْلَمي، صاحب أصبهان والرّيّ وهمذان وعراق العجم كلّه، والد السلطان عَضُد الدولة وفخر الدولة ومُؤيّد الدولة.

كان ملكًا جليلًا سعيدًا في أولاده، قسم عليهم الممالك، فقاموا بها أحسن قيام، وملك أربعًا وأربعين سنة وأشهرًا، وكان أبو الفضل بن العميد وزيره، فلمَّا مات ابن العميد استوزر ولَدَه أبا الفتح بن العميد، وأمَّا الصاحب إسماعيل بن عبَّاد فكان وزير ولديه مؤيّد الدولة وفخر الدولة.

توفِّي ركن الدولة في المحرَّم عن نيّف وثمانين سنة بِقُولَنْجٍ أصابه، ووجد بعده عضُدُ الدولة طريقًا إلى ما كان يُخفيه من قَصْد العراق، وهو أخو مُعِزّ الدولة أحمد وعماد الدّولة علي.

١٩١- الحَكم المستنصر بالله١، صاحب الأندلس أبو العاص بن النّاصر لدين الله عَبْد الرَّحْمَن الأمويّ.

بقي في المملكة بعد أبيه ستّة عشر عامًا، وعاش ثلاثًا وستّين سنة.

وكان حَسَنَ السّيرة، مُكْرِمًا للقادمين عليه، جَمَع من الكتب ما لا يُحَدّ، ولا يوصف كثرة ونَفَاسةُ، مع العلم والنَّبَاهة، وحُسْن السّيرة وصفاء السّريرة.

سمع من: قاسم بن أصبغ، وأحمد بن دُحَيْم، ومحمد بن محمد بن عبد السلام الخشني، وزكريًا بن خطّاب، وأكثر منه، وأجاز له ثابت بن قاسم، وكتب عن خلق كثير سوى هؤلاء.

وكان يستجلب المصنَّفات من الأقاليم والنّواحي، باذلًا فيها ما أمكن من الأموال، حتّى ضاقت عنها خزائنه، وكان ذا غرام بها، قد آثر ذلك على لذات الملوك، فاستودع عِلْمُهُ، ودقّ نظره، وجمّت استفادته. وكان في المعرفة بالرجال والأنساب والأخبار أُحْوَذيّا نسيجَ وحْدِه.

وكان أخوه عبد الله المعروف بالولد على هذا النَّمط من محبّة العلم، فقتل في أيّام أبيه.

وكان الحَكَم ثقة فيما ينقله.


١ الكامل في التاريخ "٨/ ٦٧٧"، وسير أعلام النبلاء "١٦/ ٢٣"، والبداية والنهاية "١١/ ٢٨٥".