للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، أَوْ عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: اجْتَمَعَتْ نَصَارَى نَجْرَانَ وَأَحْبَارُ يَهُودَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَنَازَعُوا، فَقَالَتِ الْأَحْبَارُ: مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ إِلَّا يَهُودِيًّا، وَقَالَتِ النَّصَارَى: مَا كَانَ إِلا نَصْرَانِيًّا.

فَأَنْزَلَ الله فيهم: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ} [آل عمران: ٦٥] الآيات١.

فَقَالَ أَبُو رَافِعٍ الْقُرَظِيُّ: أَتُرِيدُ مِنَّا يَا مُحَمَّدُ أَنْ نَعْبُدَكَ كَمَا تَعْبُدُ النَّصَارَى عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ نَجْرَانَ يُقَالُ لَهُ الرُّبَيْسُ: وَذَلِكَ تُرِيدُ يَا مُحَمَّدُ وَإِلَيْهِ تَدْعُو؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ آمُرَ بِعِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ". فَنَزَلَتْ: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ} الآيَاتِ إِلَى قَوْلِهِ {مِنَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: ٧٩، ٨١] ٢.

وَقَالَ إِسْرَائِيلُ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، وَسُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ فَقَالَا حُذَيْفَةُ بَدَلَ ابْنِ مَسْعُودٍ: إِنَّ السَّيِّدَ وَالْعَاقِبَ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأراد أن يلاعنهما، فقال أحدهما لِصَاحِبِهِ: لَا تُلَاعِنْهُ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ نَبِيًّا فَلَاعَنْتَهُ لَا نُفْلِحُ نَحْنُ وَلَا عَقِبُنَا. قَالُوا له: نعطيك ما سألت، فابعث معنا رجلا أمينًا, ولا تبعث معنا إلا أمينًا. فقال: "لَأَبْعَثَنَّ مَعَكُمْ أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ". فَاسْتَشْرَفَ لَهَا أَصْحَابَهُ. فَقَالَ: "قُمْ، يَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ". فَلَمَّا قَامَ قَالَ: "هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ". أَخْرَجَهُ خ٣ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ.

وَقَالَ إِدْرِيسُ الْأَوْدِيُّ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى نَجْرَانَ. فَقَالُوا فِيمَا قَالُوا: أَرَأَيْتَ مَا تَقْرَءُونَ: {يَا أُخْتَ هَارُونَ} [مريم: ٢٨] وَقَدْ كَانَ بَيْنَ عِيسَى وَمُوسَى مَا قَدْ عَلِمْتُمْ؟ قَالَ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: "أَفَلَا أَخْبَرْتَهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَمَّوْنَ بِأَسْمَاءِ أَنْبِيَائِهِمْ وَالصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فِي شَهْرِ ربيع الآخر، أو


١ أخرجه البيهقي في "الدلائل" "٥/ ٣٨٤"، وانظر: "المقبول" "١٥٦".
٢ "إسناده حسن": أخرجه ابن إسحاق وابن جرير والبيهقي، وانظر: "المقبول" "١٦١".
٣ أخرجه البخاري في "المغازي" "٥/ ١٢٠".