للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عِنْدِي أَمِينَةٌ مُصَدَّقةٌ، فَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَهِدَ إِلَيْكِ فِي ذَلِكَ عَهْدًا وَوَعَدَكِ مَوْعِدًا أوْجَبَهُ لَكِ حَقًّا وسلمه إِلَيْكِ، قَالَتْ: لَا، أَلَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ قَالَ: "أَبْشِرُوا آلَ مُحَمَّدٍ فَقَدْ جَاءَكُمُ الْغِنَى".

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَدَقْتِ فَلَكِ الْغِنَى، وَلَمْ يَبْلُغْ عِلْمِي فِيهِ وَلَا بِهَذِهِ الْآيَةِ أَنْ يُسَلَّمَ هَذَا السَّهْمُ كُلُّهُ كَامِلًا، ولكن لكم الغني يُغْنِيكُمْ، وَيَفْضُلُ عَنْكُمْ، فَانْظُرِي هَلْ يُوَافِقُكِ عَلَى ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْهُمْ، فَانْصَرَفَتْ إِلَى عُمَرَ فَذَكَرَتْ لَهُ كَمَا ذَكَرَتْ لِأَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ لَهَا مِثْلُ الَّذِي رَاجَعَهَا بِهِ أَبُو بَكْرٍ، فَعَجِبَتْ وظنت أنهما قد تذاكرا ذلك واجتمعنا عَلَيْهِ١.

وَبِالْإِسْنَادِ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -مِنْ دُونِ ذِكْرِ الْوَلِيدِ بْنِ مسْلمٍ- قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: كَانَ عُمَرُ عَرَضَ عَلَيْنَا أَنْ يُعْطِينَا مِنَ الْفَيْءِ بِحَقِّ مَا يَرَى أَنَّهُ له مِنَ الْحَقِّ، فَرَغِبْنَا عَنْ ذَلِكَ وَقُلْنَا: لَنَا مَا سَمَّى اللَّهُ مِنْ حَقِّ ذِي الْقُرْبَى، وَهُوَ خُمْسُ الْخُمُسِ، فَقَالَ عُمَرُ: لَيْسَ لَكُمْ مَا تَدَّعُونَ أَنَّهُ لَكُمْ حَقٌّ، إِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ الْخُمُسَ لِأَصْنَافٍ سَمَّاهُم، فَأَسْعَدُهُمْ فِيهِ حَظًّا أَشَدُّهُمْ فَاقَةً وَأَكْثَرُهُمْ عِيَالًا، قَالَ: فَكَانَ عُمَرُ يُعْطِي مَنْ قَبِلَ مِنَّا مِنَ الْخُمْسِ وَالْفَيْءِ نَحْوَ مَا يَرَى أَنَّهُ لَنَا، فَأَخَذَ ذَلِكَ مِنَّا نَاسٌ وَتَرَكَهُ نَاسٌ٢.

وَذَكَرَ الزُّهْرِيُّ أَنَّ مالك بن أوس الْحَدَثَانِ النَّصْرِيِّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ، فَقَالَ لِي: يَا مَالِكُ إِنَّهُ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ قَوْمِكَ أَهْلُ أَبْيَاتٍ وَقَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ بِرَضْخٍ فَاقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ، قُلْتُ: لَوْ أَمَرْتَ بِهِ غَيْرِي، قَالَ: اقْبِضْهُ أيُّهَا الْمَرْءُ، قَالَ: وَأَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَأُ فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ، وَالزُّبَيْرِ، وعبد الرحمن، وسعد يستأذنون؟ قال: نعم، فدخولا وَسَلَّمُوا وَجَلَسُوا، ثُمَّ لَبِثَ يَرْفَأُ قَلِيلًا، ثُمَّ قَالَ لِعُمَرَ: هَلْ لَكَ فِي عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَلَمَّا دَخَلَا سَلَّمَا فَجَلَسَا، فَقَالَ عباس: يا أمير المؤمنين: اقضي بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا الظَّالِمِ الْفَاجِرِ الْغَادِرِ الْخَائِنِ، فَاسْتَبَّا، فَقَالَ عُثْمَانُ وَغيَرُهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنَهُمَا وَأرِحْ أَحَدَهُمَا مِنَ الْآخِرِ، فَقَالَ: أنشدكما بالله هل تعلمنا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ" قَالَا: قَدْ قَالَ ذَلِكَ، قَالَ: فَإنِّي أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ: إِنَّ اللَّهَ كَانَ قَدْ خَصَّ رسوله في هذا.


١ إسناده ضعيف: يزيد الرقاشي ضعيف كما في "التقريب" ٧٦٣٨".
٢ إسناده ضعيف: للجهالة فيه.