للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لمعاونة السُّنَّة، وساعدهم الغلمان، فانكسر الرَّوَافض وأحرق ما يلي نهر الدَّجَاج، ثم اجتمع الرؤساء إلى الخليفة، فكلّموه، فعفى عَنْهُمْ ودخل عميد الجيوش بغداد، فراسل بن المعلّم بأن يخرج عَنْ بغداد ولا يساكنه، ووكّل بِهِ، فخرج فِي رمضان، وضرب جماعة، ممّن قام فِي الفتنة، وحبس آخرين، ومنع القُصَّاص من الْجُلوس، ثم سَأَلَ ابن مُزْيَد فِي ابن المعلّم فردَّ وأذِنَ للقُصَّاص، بشرط أن لا يتعرضوا للفِتَن١.

وفي شعبان وقع بَرَدٌ فِي الواحدة نحو خمسة دراهم.

وفيه زُلْزِلَت "الدِّينور"٢، فمات تحت الرَّدْم أكثر من ستّة عشر ألف آدمي، وفرّ السّالمون إلى الصّحراء، فأخذوا أكواخًا، وهلك ما لا يُحْصَى، وأهدمت أكثر المدينة، وزُلْزِلَت سِيرَاف "والسّيف"٣، وغَرَّق الماءُ عدَّة مراكب، ووقع هناك بَرَدٌ عظيم، ووُزِنَت بَرَدَةٌ، فكانت مائة وستّة دراهم٤.

وفيها: هدم الحاكمُ بيعةَ قمامة التي بالقُدس، وهي عظيمة القدر عند النَّصارى، يحجُّون إليها، وبها من السُّتُور والآلات والأواني الذَّهب شيءٌ مفْرِط، وكانوا فِي العيد يُظْهِرون الزِّينة، وينصبون الصُّلْبان، وتعلق القُوَّامُ القناديلَ فِي بيت المذبح، ويجعلون فيها دهن الزئبق، ويجعلون بين "القنديلين"٥ خيطًا "من" الحرير متصلا، وكانوا يَطْلُونه بدهن البلسان، ويتقرّب بعض الرُّهْبان، فيعلّق النّارَ فِي خيطٍ منها من موضع لا يراه أحد، فيتنقل بين القناديل، فيرقد الكلّ ويقولون: نزل النُّور من السّماء فأوقدها، فيضجُّون، فلمّا وُصِفَت هذه الحالة للحاكم، كتب إلى والي الرَّمْلة، وإلى أحمد بن يعقوب الدّاعي بأن يقصد بيتَ المقدس، ويأخذ القضاةَ والأشرافَ والرؤساءَ، وينزلون عَلَى هذه الكنيسة، ويُبِيحُوا للعامَّة نَهْبَها، ثم يخربونها إلى الْأرض، وأحسّ النَّصَارَى، فأخرجوا ما فيها من جوهر وذهب وستُور، وانْتُهِب ما بقي، وهُدِمت.

ثم أمر بهدم الكنائس، ونَقَضَ بعضها بيده، وأمره بأن يعمِّر مساجدَ للمسلمين، وأمر بالنّداء: من أراد الْأسْلامَ فلْيُسْلِم، ومن أراد الانتقال إلى بلد الروم كَانَ آمنًا إلى


١ المنتظم "٧/ ٢٣٧"، والبداية والنهاية "١١/ ٣٣٨".
٢ في الأصل "الدور".
٣ في الأصل "السبب".
٤ المنتظم "٧/ ٢٣٨"، والبداية والنهاية "١١/ ٣٣٩".
٥ في الأصل "القندلين".