للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن أبي مُلَيْكَة: كلّم عُتْبة بْن فرقد عُمَر في طعامه، فَقَالَ: وَيْحَكَ آكل طيّباتي في حياتي الدنيا وأستمتع بها! وقال مبارك، عن الحسن: دخل عمر على تبنه عاصم وهو يأكل لحمًا فَقَالَ: مَا هذا؟ قال: قرمنا١ إليه، قال: أوكلما قرمت لإلى شيءٍ أكلتَه! كفى بالمرء سَرَفًا أنْ يأكل كلَّ مَا اشتهى.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زد بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ عُمَرُ: لَقَدْ خَطَرَ عَلَى قَلْبِي شَهْوَةُ السَّمَكِ الطَّرِيِّ، قَالَ وَرَحَّلَ "يَرْفَأُ"٢ رَاحِلَتَهُ وَسَارَ أَرْبَعًا مُقْبِلًا وَمُدْبِرًا، وَاشْتَرَى مِكْتَلًا فَجَاءَ بِهِ، وَعَمَدَ إِلَى الرَّاحِلَةِ فَغَسَلَهَا، فَأَتَى عُمَرَ فَقَالَ: انْطَلِقْ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَى الرَّاحِلَةِ، فَنَظَرَ وَقَالَ: نَسِيتَ أَنْ تَغْسِلَ هَذَا الْعَرَقَ الَّذِي تَحْتَ أُذُنِهَا، عَذَّبْتَ بَهِيمَةً فِي شَهْوَةِ عُمَرَ، لَا واللَّهِ لَا يَذُوقُ عُمَرُ مِكْتَلَكَ.

وَقَالَ قتادة: كان عُمَر يلبس، وهو خليفة، جُبَّةً من صوف مرقوعًا بعضُها بأدم، ويطوف في الأسواق على عاتقه الدِّرَّة يؤدّب النّاس بها، ويمرّ بالنِّكث وَالنَّوَى فيلقطه ويلقيه في منازل النّاس لينتفعوا به.

قال أنس: رأت بين كفي عُمَر أربعَ رقاع في قميصه٣.

وَقَالَ أَبُو عثمان النَّهْديّ: رأيت على عُمَر إزارًا مرقوعًا بأدم٤.

وَقَالَ عبد الله بْن عامر بْن ربيعة: حججت مع عمر، فما ضرب فسطاطًا ولا خِباء، كان يلقي الكساء والنّطْع على الشجرة ويستظل تحته.

وَقَالَ عَبْدِ اللَّهِ بْن مُسْلِمِ بْن هُرمز، عَنْ أبي الغادية الشامي قال: قدم عمر للجابية٥ على جمل أروق تَلُوحُ صَلْعَتُهُ للشمس، ليس عليه قَلَنْسُوَة ولا عمامة، قد طبّق رجليه بين شُعبَتَيِ الرحل بلا رِكاب، ووطاؤه كِساء أنبجانيّ من صوف وهو فراشه إذ نزل، وحقيبته محشوة ليفا، وَهِيَ إِذَا نزل وساده، وَعَلَيْهِ قميص من


١ قرمنا إليه: اشتهيناه.
٢ اسم غلام عمر بن الخطاب.
٣ أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "٢/ ١٧٥".
٤ أخرجه ابن سعد في "الطبقات" "٢/ ١٧٥".
٥ الجابية: قرية من قرى دمشق.