وفيها: خرج أبو الفتح الحَسَن بْن جعفر العلويّ، ودعى إلى نفسه وتلقَّب بالراشد بالله. وكان حاكمًا عَلَى مكّة، والحجاز، وكثير من الشّام. فإنّ الحاكم بعث أمير الأمراء ياروخ نائبا إلى الشّام، فسار بأمواله وحُرمَه، فلقِيَهم في غزَّة مفرّج بْن جرّاح، فحاز جميع ما معهم وقتل ياروخ.
وسار مفرّج إلى الرملة فنهبها، وأقام بها الدّعوة للراشد بالله، وضرب السّكّة لَهُ. واستحوذت العربُ عَلَى الشّام من الفَرَما إلى طبريّة، وحاصروا الحصون.
امتناع ركْب العراق:
ولم يحجّ ركْبُ من العراق.
وفاة عميد الجيوش:
وفيها: تُوُفّي عميد الجيوش أبو عليّ الحُسين بْن جعفر عَنْ إحدى وخمسين سنة. وكان أَبُوهُ من حُجاب الملك عضُد الدّولة، فجعل أبا عليّ برسم خدمة ابنه صمصام الدّولة، فخَدمه، وخدَم بعده بهاء الدولة.
ثمّ ولّاه بهاء الدّولة تدبير العراق، فقدِم في سنة اثنتين وتسعين والفِتَن شديدة، واللّصوص قد انتشروا ففتك بهم، ثمّ غّرق طائفة، وأبطل ما تعمله الشّيعة يوم عاشوراء.
وقيل: إنّه أعطي غلامًا لَهُ دنانير في صينيّة، فقال: خُذْها عَلَى يدك.
وقال: سر من النَّجمي إلى الماصر الأعلى، فإن عرض لك معترض فدعْه بأخذها، وأعرف الموضع. فجاء نصف الّليل فقال: قد مشيتُ البلدَ كلّه، فلم يلْقني أحد. ودخل مرّة الرُّخَّجي وأحضر مالًا كثيرًا، وقال: مات نصرانيّ مصريّ ولا وارث لَهُ. فقال: نترك هذا المال، فإنْ حضر وارث وإلا أُخِذ فقال: الرُّخَّجي: فيحمل إلى خزانة مولانا إلى أن يتيقّن المال؟ فقال: لا يجوز ذَلِكَ. ثمّ جاء أخو الميّت فأخذ التّركة.
وكان مَعَ هيبته الشّديدة عادلًا. ولي العراق ثماني سِنين وسبعة أشهر، وتولّي