للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كبروا، وانحدر خالد إلى الباب فقتل البوابين، وثار أهل البلد إلى مواقفهم لَا يدرون مَا الشأن، فتشاغل أهلُ كل جهةٍ بما يليهم، وفتح خالد الباب ودخل أصحابه عَنوةً، وقد كان المسلمون دَعَوْهم إلى الصلح والمشاطرة فأبّوْا، فلمّا رأوا البلاء بذلوا الصلح، فأجابهم من يليهم، وقبلوا فقالوا: ادخلوا وامْنعونا من أهلِ ذاك الباب، فدخل أهل كل بابٍ بصلح مما يليهم، فالتقى خالد والأمراء في وسط البلد، هذا استعراضًا ونَهْبًا، وهؤلاء صُلْحًا، فأجروا ناحية خالد على الصلح بالمقاسمة. وكتب إلى عُمَر بالفتح.

نجدة سعد بن أبي وقاص بالعراق:

وكتب عُمَر إلى أبي عبيدة أن يجهز جيشًا إلى العراق نجدةً لسعد بْن أبي وقاص، فجهز له عشرة آلافٍ عليهم هاشم بْن عُتْبَة، وبقي بدمشق يزيد بْن أبي سُفْيَان في طائفة من أمداد اليمن، فبعث يزيد دِحْيَةَ بْن خليفة الكلبيّ في خيلٍ إلى تدمر١، وأبا الأزهر إلى البثنية٢ فصالحهم، وسار طائفةٌ إلى بيْسان فصالحوا.

وفيها كان سعد بْن أبي وقاص فيما ورد إلينا على صدقات هوازن، فكتب إليه عُمَر بانتخاب ذي الرأي والنجدة ممن له سلاح أو فرس، فجاءه كتاب سعد: إنّي قد انتخبت لك ألفَ فارس، ثُمَّ قدِم به عليه فأمّره على حرب العراق، وجهزه في أربعة آلاف مقاتل، فأبى عليه بعضُهم إلا المسيرَ إلى الشام، فجهزهم عُمَر إلى الشام.

ثُمَّ إن عُمَر أمدّ سعدًا بعد مسيره بألفيّ نجدي وألفي يماني، فشتا سعد بزَرُود٣، وكان الْمُثَنَّى بْن حارثة على المُسْلِمين بما فتح الله من العراق، فمات من جراحته التي جرحها يوم جسر أبي عُبَيْد، فاستخلف المثني على النَّاس بشير بْن الخصاصيّة، وسعد يَوْمَئِذٍ بزرود، ومع بشير وفود أهل العراق. ثُمَّ سار سعد إلى العراق، وقدم عليه الأشعث بْن قيس في ألفٍ وسبعمائة من اليمانيين.


١ تدمر: مدينة تقع في صحراء سورية.
٢ البثنية: مدينة بالشام.
٣ زرود: رمال بطريق الحاج من الكوفة.