للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بشيء لا يساوى دينارين. وقد بَسَطَ القول فيها نحو السّبعين سطرًا. وقد بيعت بعد ذَلِكَ بسبعة عشر دينارًا إماميّة. ولابن البوّاب شِعْر وترسل يدّل عَلَى فضله وأدبه وبلاغته. وقيل: إن بعضهم هجاه بقوله:

هذا وأنت ابن بوّاب وذُو عَدَم

فكيف لو كنتَ ربَّ الدارِ والمالِ؟.

وقال أبو علي الحَسَن بْن أحمد بْن البنّا: حكى لي أبو طاهر بْن الغباريّ أن أبا الحسن ابن البّواب أخبره أنّ ابن سَهْلان استدعاه، فأبي المُضي إليه. وتكرّر ذَلِكَ.

قَالَ: فمضيتُ إلى أبي الحَسَن بْن القزوينيّ وقلتُ: ما يُنطقه الله بِهِ أفعله. قَالَ: فلمّا دخلتُ إليه قَالَ لي: يا أبا الحَسَن اصدُقْ والْقَ مِن شئت. قَالَ: فعدتُ في الحال، وَإِذَا على بابي رسل الوزير. قَالَ: فمضيت معهم فلما دخلت إليه قال لي: يا أبا الحَسَن ما أخَّرك عنّا؟ فاعتذرت إِليْهِ. ثمّ قَالَ: قد رأيتُ منامًا. فقلتُ: مذهبي تعبير المنامات مِن القرآن. فقال: رضيت. ثمّ قَالَ: رَأَيْت كأنّ الشّمس والقمر قد اجتمعا وسقطا في حَجْري. قَالَ: وعنده فرح بذلك: كيف يجتمع لَهُ المُلْك والوزارة. قلتُ: قَالَ الله تعالى: {وجُمعَ الشمسُ والقمرُ. يقولُ الإِنْسَانُ يومئذٍ أينَ المَفرُّ. كلاَّ لاَ وَزَرَ} [القيامة: ٩ - ١١] . وكررتُ عَليْهِ هذه ثلاثا.

قَالَ فدخل حُجرة النّساء. وذهبت. فلما كَانَ بعد ثلاثة أيّام انحَدَرَ إلى واسط عَلَى أقبح حال. وكان قتْله هناك.

ولأبي العلاء المَعَريّ:

ولاح هِلالٌ مِثل نُونٍ أجادَها ... بذوب النضار الكاتبُ ابن هلالِ.

قال أبو الحَسَن محمد بْن عَبْد المُلْك الهمْدانيّ في تاريخه: توفي أبو الحسن ابن البواب صاحب الخطّ الحَسَن في جُمادى الأولى، ودُفن في جوار تُرْبة أحمد، يعني ابن حنبل. وكان يقصّ بجامع المدينة. وجعله فخر المُلك أحد نُدمائه لمّا دخل إلى بغداد. ورثاه المرتضي بقوله:

رُديت يا ابن هلالٍ والرَّدَى عرضٌ ... لم يُحم منهُ عَلَى سُخطٍ لَهُ البشرُ

ما ضَرَّ فقدكُ والأيامُ شاهدةُ ... بأنّ فضلك فيها الأنجُمُ الزُهُرُ