للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاحتفل ابن باديس وجمع عساكره، فكانوا ثلاثين ألف فارس، وكانت العرب ثلاثة آلاف فارس، فأرادت العرب الفرار، فقال لهم مؤنس: ما هذا يوم فرار. قالوا: فأين نطعن هؤلاء وقد لبسوا الكزاغندات١ والمغافر٢؟ قال: في أعينهم. فسُمِّيَ أبا العينين". فالتحم الحرب، فانكسر جيش المُعز، واستحر القتل بجنده، ورُدَّ إلى القيروان مهزومًا، وأخذت العرب الخيل والخيام بما حوت٣.

وفي ذلك يقول بعضهم:

وإن ابن باديسٍ لَأفضل مالكٍ ... ولكن لعمري ما لديه رجالُ

ثلاثون ألفًا منهم غلبتهم ... ثلاثة ألفٍ إن ذا المحال

انهزام المُعز للمرة الثانية:

ثم جمع المُعز سبعة وعشرين ألف فارس، وسار يوم عيد النحر، وهجم على العرب بغتة، فانسكر أيضًا، وقُتِلَ من جنده عالم عظيم، وكانت العرب يومئذٍ سبعة آلاف.

وثبت المُعز ثباتًا لم يُعهد بمثله، ثم ساق على حميّة.

وحاصرت العربُ القيروان، وانجفل الناس في المهديّة لعجزهم.

وشرعت العرب في هدم الحصون، وقطع الْأشجار، وإفساد المياه. وعمَّ البلاء، وانتقل المُعز إلى المهديّة، فالتقاه ابنه تميم واليها٤.

انتهاب القيروان:

وفي سنة تسع وأربعين نهبت العرب القيروان٥.


١ الكزاغندات: هي أردية محشوة من القطن أو الحرير يتدرع بها في الحرب.
٢ المغافر: الخوذات الواقية للرأس.
٣ إتعاظ الحنفا "٢/ ٢١٤، ٢١٥".
٤ دول الإسلام "١/ ٢٦٢".
٥ تاريخ ابن خلدون "٦/ ١٥٩".