أكان فرضًا أو كان نفلًا، فلا يأكل ولا يشرب، بل يظل صائمًا لا يفطر، وإن اختلف العلماء فيها بين كراهة التحريم أو التنزيه، فجاءت الألفاظ بمعانيها الحقيقية في تصوير أدبي رائع من خلال ما توحيه أداة الاستفهام "أيكم؟ "، لتدل على الإجابة منهم بقولهم: لسنا مثلك يا رسول الله، فأنت المصطفى من بين الخلق، والناس أتباعك وفرق بين المتبوع والتابع عند الله وعند خلقه، وتدل أيضًا على معاني التوبيخ والتقريع، لإنكارهم نهي أمته عن الوصال رحمة بهم، مما يستحقون عليه التوبيخ، والصورة البلاغية الثانية في التعبير بالبيات ليلًا، فمع إفادته الامتناع عما يفطر في الليل أو معظمه، لكن المراد منه أيضًا أن يظل مستمرًا في الوصال بين ليالي رمضان وأيامه، ممتنعًا عن المفطرات من الطعام والشراب والجماع على الأرجح، وإن قيل لا مانع من الجماع؛ لأنه يكون سببًا في الضعف لا في القوة، والصورة الثالثة فيما تفيده عبارة "لو تأخر لزدتكم" من صور حقيقية، تدل على التنكيل بهم، زيادة عما تفيده معاني هذه الألفاظ الموضوعة في اللغة، والصورة الرابعة في تصوير عدم التحمل بقوله:"ما تطيقون"، فليس المراد عدم القدرة فحسب، بل تدل على معنى آخر أن يتحمل ذلك بمعاناة شديدة، ليدل على نوع الحكم وهو الكراهة تحريمًا أو تنزيها، لا على التحريم المطلق، وغيرها من الصور البلاغية المستمدة من الأساليب الحقيقية لا البيانية ولا الخيالية.
التصوير الفني في بلاغة الأسلوب البياني المستمد من الألوان الخيالية يتخذ منها الخيال صورًا فنية بديعة، تتفتح لها منافذ الإدراك جميعًا من النفس.
فالصورة الفنية الأولى جاءت عن طريق مجاز الحذف، في دلالة "الواو" عن المحذوف في قوله: "وأيكم مثلي"، فهذه العبارة عطفت على محذوف تقديره "هذا شأني وأيكم مثلي" في بلاغة الحذف من الإيجاز، الذي