مما يحتاج إلى تأمل، وطول نظر في استخراج أركان التشبيه الصريحة، التي تقفز إلى العقل لأول وهلة، كالوقوف هنا على المشبه في قوله:"من أقام الصلاة وصام رمضان" والمشبه به في قوله: "قاتل في سبيل الله حتى استشهد"، أما التشبيه الضمنى فلا يتأتى إلا بعد تفكير طويل، وحينئذ يستقر في النفس، فيمتعها ويظل فيها زمنًا طويلًا أيضًا، كما أن الاقتصار على الصلاة والصيام للتكرار في الأداء في كل يوم وسنة، فهما واجبان على القوي والضعيف والغني والفقير، بينما الحج والزكاة لا تجب إلا على المستطيع، بيد أن الحج لا يجب إلا مرة في العمر، والزكاة على الغني فقط، على النقيض من الصلاة فهي في كل يوم، ومن الصيام فهو في كل سنة وعلى الغني والفقير، والصورة البليغة الثانية قامت على التشبيه الصريح الذي تجسدت أركانه في المشبه وهو:"ما بين الدرجتين في الجنة"، والمشبه به:"كما بين السماء والأرض"، ووجه الشبه وهو الاتساع وكثرة النعيم، فما بالك بما بين مائة درجة، إنه الفضل الأكبر، والصورة الأدبية الثالثة قامت على التوازن بين التقسيم الموسيقي في الفقرات الأربع، فالأولى:"إذا سألتم الله"، والثانية:"فاسألوه الفردوس"، والثالثة:"فإنه أوسط الجنة"، والرابعة:"أعلى الجنة"، فتجد جمال التنسيق والإيقاع في هذا التوازن الموسيقي، الذي أحكمه الخيال، فتنوعت أوتاره الشجية، التي تمتع النفس والذوق والعقل جميعًا، بالإضافة إلى ما أفادته "إذا" من التحقيق، وتأكيد الرجاء عند الله، فهو حقيقة عند الخالق لا كالرجاء عند المخلوق، كما في قوله تعالى:{لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} فهم مفحلون إن شاء الله تعالى.
القيم الخلقية والتشريعية في الحديث الشريف:
١- من آمن بالله ورسوله، وأقام الصلاة، وصام رمضان، كان حقًا على الله بفضله أن يدخله الجنة.