حصرها كثير من العلماء ومنهم أبو حيان التوحيدي؛ فجعلوا هذه الشعب تتفرع إلى ثلاثة؛ أولًا: أعمال القلب وهي المعتقدات والنيات في أربع وعشرين خصلة كالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر، وما يتصل بالقبر، وبيوم القيامة والتوبة والخوف والرجاء وهكذا، ثانيًا: أعمال اللسان في سبع خصال: التلفظ بالشهادة، وتلاوة القرآن، والعلم، والدعاء، والذكر ... إلخ، ثالثًا: أعمال البدن في ثمان وثلاثين خصلة: كالتطهر والصلاة والصيام.. إلخ، ومجموعها تسع وستون خصلة كما قال القاضي عياض.
بلاغة التعبير عن كمال الإيمان بقوله:"بضع وستون شعبة":
ترجع روعة التصوير البلاغي في هذه الفقرة إلى أسرار فنية وجمالية منها: اختيار كلمة "بضع" دون غيرها مثل نيف، لدلالة بضع على العدد من ثلاثة إلى تسعة، بينما نيف، من واحد إلى ثلاثة غالبًا، وبإضافة التسع إلى الستين يكون المجموع تسعًا وستين؛ أي: سبعين قيمة إسلامية، هي التي تكمل الإيمان لأن كمال الأعداد سبعة، ومضاعفاتها سبعون وسبعمائة وسبعة آلاف، وهكذا فالسبعة هي نهاية العدد وكماله، وما بعده مكرر ومعطوف ومضاف إليه، لذلك كانت الأراضين سبعًا والسموات والأسبوع سبعًا، وكمال الاستغفار سبعين وهكذا، ومن هنا جاءت رواية أخرى لمسلم "بضع وسبعون شعبة" للدلالة على الغاية ونهاية الكثرة.
ومنها التعبير بالبضع للدلالة على شرف قيم الإسلام وعزتها ونفاستها؛ لأن البضع هو أعز شيء يحافظ عليه الإنسان وأشرفه وأنفسه؛ فهو موطن الشرف والعزة والنفاسة، وهي من معاني البضع في اللغة العربية ومنها التعبير البلاغي بقوله:"شعبة"، فجاءت الصورة الأدبية على