الحج المقدسة الطاهرة، بارتكاب المعاصي والموبقات المهلكات، قال تعالى:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} ، وما أروع الإيقاع الموسيقي، والنسق الرتيب بين المقطعين المتلائمين وهما "لم يرفث" و "لم يفسق" مما يهز العاطفة، ويثير المشاعر، ويعمر الوجدان بالإيمان الصادق ابتغاء مرضاة الله عز وجل.
التصوير الأدبي في بلاغة التعبير عن التطهر من الذنوب والأوزار من النجس والرجس عن البدن، ومن الشيطان والهوى عن العاطفة والعقل، وذلك في صورة فنية تقوم بلاغتها على عناصر تصويرية جميلة، فعبر الحديث الشريف بالفعل "رجع" بمعنى عاد إلى الفطرة الطاهرة المستقيمة التي تقوم على الطاعة لله عز وجل، والصفاء الروحي وطهارته في إيمان صادق واستقامة، وتأكدت هذه الفطرة في تصوير حالة الإنسان يوم مولده حين خرج من بطن أمه إلى الحياة على الفطرة المستقيمة؛ والطهارة والنقاء من كل أوزار الحياة، فهي موصولة ببارئها وخالقها، لقوله تعالى:{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} وهي موصولة بوالديه بالإحسان إليهما، والبر بهما، ومقرونًا بعطاء الله عز وجل:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} ، وتلاءمت هذه العناصر الجمالية في لوحة فنية، تقوم أبعادها على التشبيه البليغ، الذي يتلاءم طرفاه مع الفطرة السليمة والطهارة الربانية، والصفاء الروحي وسلامة الجسد، وبراءته من هوى النفس ودنس المردة من الإنس والجن، من خلال تشبيه حالة الإنسان في حجه المبرور وهو كبير بحالته يوم ولدته أمه على الفطرة طاهرًا نقيًا، وفي الحديث الشريف: "تابعوا بين