"كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"، مما يدل على خطورة الشبهات واهتمام الإسلام بها، فالنار من مستصغر الشرر، واستمد روافد التشبيه التمثيلي وعناصره، مما يألفه الإنسان في حياته اليومية في الحقل والمرعى والحمى والأنعام والخير والانتفاع، ليستقر المعنى في النفس، ويكون كالدليل الواقعي والحسى من المحسوسات، وهي أقوى من الدليل العقلي والفكري.
رابعًا: ينتهي الحديث الشريف بالقول الفصل والقرار الختامي والنهائي، حين يتناول في صور أدبية بليغة، ذلك بالتعبير البلاغي عن مصدر الحلال والحرام والشبهة الرئيسية، وهو القلب، فإليه يرجع الأمر كله، إن صلح القلب صلح سائر العمل، وإن فسد القلب فسد سائر العمل، في قوله:"ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب " لأنه هو موطن الإيمان الحق من التصديق واليقين والإخلاص، والأمن والأمان والعقيدة والاعتقاد، فهو الذي يدير حركة الإنسان كله في أقواله وأفعاله، قال تعالى:{لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} ، {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} ، سأل النواس بن سمعان النبي -صلى الله عليه وسلم- عن البر والإثم فقال:"البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس"، وما في الصدر هو القلب.
القيم الخلقية والتشريعية في الحديث الشريف:
١- بين الإسلام الحلال والحرام بيانًا شافيًا وصريحًا، لا يحتاج إلى تأويل؛ لأن الحلال تقبله النفس، والحرام تأباه وتنفر منه.
٢- أما الشبهات فالحكم فيه غير واضح، لا يدري الإنسان هل هو حلال أم حرام.