وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِينًا} . قال النبي -صلى الله عليه وسلم:"إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، قال تعالى:{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} .
التصوير الأدبي في التعبير البلاغي عن سماحة الإسلام ويسره:
أولًا: طابق بين اليسر والإسلام، فالإسلام هو اليسر، واليسر هو الإسلام؛ فلا فرق بينهما، ولم يقل الإسلام كاليسر أو من اليسر، فهي عبارة بليغة جعلت الإسلام هو اليسر نفسه وذاته، لا ينفك عنه، فلا يقبل المبالغة في الدين، ولا التفريط في العمل بتعاليمه وأوامره، والتخلي عن الترفق الذي حث عليه، وإهمال السماحة التي تعم شعائره ومناسكه، وترك الرخص التي شرعها الله رحمة بعباده، وما أشبه ذلك مما يتنافى مع طبيعة الإسلام الميسورة، وسماحة هديه السهلة، فقد رغب كثيرًا في ذلك، فالله تعالى يحب أن تؤتى رخصه، كما يحب أن تؤتى عزائمه.
ثانيًا: أكد على أن الإسلام يسر في تصويره البلاغي الرائع، حين عرضه في صورة أدبية أخاذة، على سبيل القصر والتأكيد، مشفوعًا بالدليل والحجة الدامغة، ليحسم الأمر، لا تبقى منه ثغرة لمعترض أو منكر، فيقتنع بالبرهان الحسى في التصوير البلاغي بالنفي والاستثناء، وبالدليل العقلي الناتج عما أثبته الاستثناء بعد النفي، ومن أقوى الأدلة الإثبات بعد النفي، وذلك في هذه الصورة الأدبية البليغة، على سبيل القصر والتأكيد بالنفي والاستثناء في قوله:"ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه" لأن المشادة هي المغالبة والمبالغة والتزمت والتنطع، قال النبي -صلى الله عليه وسلم:"هلك المتنطعون" أي المتشددون.