للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الناس، فهم جميعًا ينتسبون إلى مصدر واحد، يلتقون فيه على عبودية الله عز وجل: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} وإذا كان ولا بد من المخاصمة؛ فلا يصح أن تتجاوز الثلاثة أيام في غير معصية الله سبحانه، وغير ذلك مما يدل عليه الحديث الشريف من القيم السامية والنافعة في تلك الصور البلاغية الرائعة التي وردت فيه، وفيما زاده الطبراني.

روعة التصوير الفني في بلاغة الحث على المسارعة بالصلح والسلام وتبادل المودة والمحبة، وجاء في تصوير فني درامي، فيه جذب وشد وإعراض وإقبال، ومقاومة وصراع نفسي بين الطرفين، فكلاهما قد أخذته العزة بالإثم بدعوة الكرامة والإباء، فقد يلتقيان، لكن كلا منهما يعرض بجانبه عن الآخر، وتلك هي الأزمة والعقدة، فأراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يضع البلسم الشافي ليبدد الأزمة ويحل العقدة، وهو أن خيرهما الذي يبدأ بالسلام؛ ليستحق الجائزة الكبرى؛ فيسبق غيره إلى الجة، وهو الفوز العظيم، تأمل ذلك فيما زاده الطبراني "يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام والذي يبدأ بالسلام يسبق إلى الجنة"، فما أروع بلاغة سيد البشر -صلى الله عليه وسلم.

ويؤكد النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه القيم في قوله عن أبي هريرة -رضي الله عنه: "لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانًا، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله، التقوى ها هنا، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه"، وكذلك قوله عن أبي هريرة أيضًا قال: "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تناجشوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانًا".

<<  <   >  >>