للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والكراهية، ومثله كمثل من فقأ إحدى عينيه، وقال بأن النظر بهما في وقت واحد إسراف، ومثل قول ابن الرومي في وصف البخيل:

يقتر عيسى على نفسه ... وليس بباق ولا خالد

فلو يستطيع لتقتيره ... تنفس من منخر واحد

ومصداقًا لقول الله تعالى: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} وقوله: {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} ، {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ، {لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ، الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} ، وفي الحديث الشريف: "خصلتان لا تجتمعان في مؤمن: البخل وسوء الخلق"، وقوله: "اتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم"، وقوله في مال البخيل: "يمثل له يوم القيامة بشجاع أقرع يأخذ بلهزمتيه ويقول: "أنا مالك أنا كنزك"، "وتصفح له صفائح من نار تصب فوق رأسه"، {يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ، وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ} .

القيم الخلقية والتشريعية في الحديث الشريف:

١- حث الإسلام على الجود وأثنى على الجواد الكريم؛ لأن الكرم والصدقة تعود على المنفق بالخير في الدنيا والثواب الجزيل في الآخرة.

٢- حذر الإسلام من الشح والبخل وذم الشحيح والبخيل فإن الشح يهلك صاحبه، والبخل يقضي على البخيل في الدنيا، أما في الآخرة فهما محرومان من الثواب والرضوان، فلا يغني في الدنيا ولا ينفع في الآخرة.

٣- الصدقة تمحو الذنوب، والكرم يذهب بالخطايا، وتنقي المنفق من الدنس والحقارة والعار والخزي والعقاب.

٤- أن الله عز وجل سيزيد المنفق خيرًا وحسنًا في الدنيا والآخرة، ويمقت البخيل، ويفضح الشحيح، ويعذبهما في الدنيا بالذل والضعف والهوان والضيق والقلق، وفي الآخرة بالعقاب والعذاب والحرمان من رحمة الله تعالى ورضوانه.

٥- يحث الحديث الشريف على جواز ضرب الأمثال، وتجسيم المجردات وتشخيص المعاني، لتوضيحها ونفاذها إلى القلب والعقل والبصيرة.

<<  <   >  >>